للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العماد الكاتب: قرر سيف الدين على المذكور قطيعة خمسين ألف دينار، فأدى منها ثلاثين، وأعطى رهائن على عشرين، ووصل إلى القدس واجتمع بالسلطان يوم الخميس مستهل شهر ربيع الآخر، فقام إليه واعتنقه وأقطعه نابلس وأعمالها، ثم عيَّن السلطان ثلث نابلس لمصالح للبيت المقدس وتشييد سوره (١).

[ذكر عصيان الملك المنصور ابن الملك المظفر تقي الدين وما جرى له وعليه في ذلك]

وفي النوادر: ويوم وصول المشطوب، كتب السلطان إلى ولده الملك الأفضل بأن يسير إلى الفرات ويتسلم البلاد من الملك المنصور ابن الملك المظفر تقي الدين، وكان قد أظهر العصيان بسبب الخوف على نفسه من السلطان [١٤١] وأظهر ذلك، وكتب إلى الملك الظاهر بحلب - وكان قد سافر إليها - أنه إن أحتاج أخوك إلى معونة أعنه. وجهز السلطان صلاح الدين ولده الأفضل بحملة كبيرة، وسار باحترام عظيم حتى وصل إلى حلب، وأكرمه أخوه الملك الظاهر إكرامًا عظيمًا، وعمل له ضيافة تامة، وقدم بين يديه تقدمة سنية (٢). وأما الملك المنصور فإنه لما بلغه موجدة (٣) السلطان عليه، أرسل إلى الملك العادل رسولًا يستشفع به ليطيب قلب السلطان، ويعطيه إما حران والرها وشميساط، وإما حماة ومنبج وسلمية والمعرة، فراجع الملك العادل السلطان مرارًا بسببه فلم يفعل ذلك ثم كثرت الشفاعة إليه من جميع الأمراء، وهزت له شجرة الكرم، فرجع إلى خُلقه الحسن وحلف له على حران والرها وشميساط، على أنه إذا عبر الفرات أعطى المواضع المذكورة ويتخلى عن البلاد التي في يده، ودخل في هذا الضمان الملك العادل، ثم التمس العادل خط السلطان فأبى، وألح عليه، فمزق نسخة اليمين في التاسع والعشرين من ربيع الآخر، وانفصل الحال وانقطع الحديث.


(١) انظر: الفتح القسى، ص ٥٨٧؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٣٨١؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٤٨.
(٢) إلى هنا توقف العينى عن النقل من النوادر السلطانية، ص ٢٠٧.
(٣) الموجدة: الغضب. انظر: القاموس المحيط، مادة "وجد"، جـ ١، ص ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>