للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها ما حكاه لي أبو العباس أيضًا قال: اشتهرت امرأة بالزهد وأنها ما تأكل الخبز، فبعث إليها يعقوب وقال: أقيمي عندي في القصر أياما لأتبارك بك، فأقامت عنده مدة، فدخلت بعض جوارية السقاية يومًا فرأت الزاهدة تأكل الخبز في بيت الماء، فبهتت وجاءت إليه فأخبرته فقال لها: والله لئن سمع هذا غيري منك لأقتلنك، ثم بحث عن ذلك فوجده صحيحًا، فأرسل إلى الزاهدة خمسمائة دينار وثيابًا، وقال لها: قد حصلت لنا البركة بمقامك عندنا، وقد سألني بنو عمى أن تقيم عندهم في قصرهم لتصل إليهم بركتك. فانتقلت إليهم ولم يظهر أمر المرأة. قال: وكان جوادًا سمحًا يهب مائة ألف دينار وخمسين ألفًا، رحمه الله.

قال السبط: ويعقوب هذا هو الذي راسلة السلطان صلاح الدين بشمس الدين بن منقذ يستنجد به في سنة سبع وثمانين وخمسائة. ومدحه ابن منقذ بأبيات من الشعر، فأعطاه لكل بيت ألف دينار (١).

قال ابن خلكان: وكان قد أرسل إليه السلطان صلاح الدين يوسف رسولًا من بني منقذ في سنة سبع وثمانين وخمسائة يستنجده على الإفرنج الواصلين من بلاد المغرب إلى الديار المصرية وساحل الشام، ولم يخاطبه بأمير المؤمنين بل خاطبه بأمير المسلمين، فعز ذلك عليه ولم يجبه إلى ما طلب منه، والرسول المذكور هو شمس الدولة أبو الحارث عبد الرحمن بن نجم الدولة أبي عبد الله محمد بن مرشد والله أعلم. (٢)

[الرابع في سريرته]

قال ابن كثير: قد كان دينًا حسن السيرة، صحيح السريرة، وكان مالكي المذهب، ثم صار ظاهريًا خرميًا، ثم مال إلى مذهب الشافعي، واستقضى في بلاده منهم. (٣) وقال ابن خلكان: أمر برفض فروع الفقه وأن العلماء لا يفتون إلا بالكتاب العزيز والسنة النبوية، ولا يقلدون أحدًا من الأئمة المجتهدين المتقدمين بل تكون أحكامهم بما يؤدي إليه اجتهادهم من استنباطهم القضايا من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. (٤)


(١) نقل العينى هذا الخبر بتصرف من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٩٨ - ٣٠١.
(٢) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج ٧، ص ١٢، ترجمة رقم ٨٢٩.
(٣) ابن كثير، البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٩.
(٤) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج ٧، ص ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>