للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة الثالثة والتسعين بعد الخمسمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة هو الناصر لدين الله، وصاحب مصر هو الملك العزيز ابن السلطان صلاح الدين، واستولى على دمشق أيضًا كما ذكرنا، وسير الملك الأفضل أخاه الذي كان صاحب دمشق إلى صرخد، وصاحب حلب هو الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين رحمه الله.

[ذكر غزوات الملك العادل]

وفي هذه السنة انقضت مدة الهدنة التي كان عقدها الملك الناصر صلاح الدين للإفرنج، فأقبلوا بقضهم وقضيضهم فالتقاهم الملك العادل بمرج عكا، فكسرهم وغنمهم وفتح يافا عنوة، وقد كانوا كتبوا إلى ملك الألمان يستنهضونه لفتح بيت المقدس فقدر الله هلاكهـ سريعًا، وكفى الله المؤمنين شره وشر أهل الكفر.

وفي تاريخ بيبرس: وفي هذه السنة خرج العادل إلى خربة اللصوص (١) لحرب الفرنج، وجاءه الأفضل من صرخد، وقدم أسد الدين شيركوه من حمص، ووصل عز الدين بن المقدم ونزلوا على عين جالوت وأخذ العادل يافا منهم بالسيف، وقتل جماعة كثيرة وبيع الأسير بثمن بخس، وكان السبب في ذلك ما جرى منهم في الغدر فراسل الإفرنج ملك الألمان، وكان قد ملك صقلية وعرّفوه أن المسلمين اشتغلوا بحرب بعضهم بعضا فأقبل في مراكبه إلى عكا، واتفق هلاك الكندهري ساقطا من شباك له، فتملك الألماني مكانه وسارا إلى بيروت فملكها من المسلمين، وكان بها عز الدين أسامة. (٢)

قال بيبرس: وفيها ملك العادل بيروت من الفرنج، وذلك أنها كانت بيد المسلمين وكان بها أمير يعرف بأسامة، وكان بطلًا شجاعًا يجهز المراكب في كل وقت على الإفرنج، فشكوا ذلك إلى الملك العادل بدمشق وإلى العزيز بمصر، فلم يزيلوا شكايتهم، فصار يقطع عليهم الطريق ويأخذ أموالهم، فشكوا ذلك إلى ملوك الفرنج الذين داخل البحر وقالوا لهم: إن لم تنجدونا أخذ المسلمون البلاد فأمدهم الفرنج بالعساكر الكثيرة وكان


(*) يوافق أولها ٢٤ نوفمبر سنة ١١٩٦ م.
(١) خربة اللصوص: بلدة واقعة على الطريق بين دمشق وبيسان. السلوك، جـ ١، ق ٢، ص ٢١١، حاشية ١.
(٢) ورد هذا الحدث بتصرف في الكامل، جـ ١٢، ص ٥٣؛ الروضتين، ج ٢، ص ٢٣٣؛ نهاية الأرب، ج ٢٨، ص ٤٥٣ - ص ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>