للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكرك، فكر راجعاً إلى دمشق في منتصف شعبان، وسار معه أخوه العادل، وأرسل ابن أخيه الملك المظفر تقى الدين عمر إلى مصر، نائباً عنه، وفى صحبته القاضى الفاضل.

ووصل السلطان إلى دمشق وبعث أخاه العادل على مملكة حلب وأعمالها، واستقدم ولده الملك الظاهر إليه وكذلك نوابه ومن يعز عليه. وإنما أعطى السلطان صلاح الدين أخاه العادل حلب؛ ليكون قريبًا منه فإنه كان لا يقطع أمراً دون مشورته، واقترض (١) السلطان صلاح الدين من أخيه العادل مائة ألف دينار، وتألم الظاهر على مفارقة حلب، وكانت إقامته في حلب ستة أشهر، ولكنه لا يظهر ما في نفسه، ولكن يظهر ذلك على صفحات وجهه وفلتات لسانه. (٢)

وفى تاريخ بيبرس: لما توجه صلاح الدين إلى الكرك استدعى أخاه العادل أبا بكر من مصر، وكان قد أرسل إليه يطلب منه مدينة حلب وقلعتها فأجابه إلى ذلك وأمره أن يخرج معه بأهله وماله، فوافاه إلى الكرك في العسكر المصرى، فكثر جمعه وحصر الحصن من الربض (٣) ونصب عليه المجانيق، ثم رحل عنه وعاد إلى دمشق واستصحب أخاه العادل معه، وسير ابن أخيه تقى الدين إلى مصر نائباً عنه، وأعطى أخاه العادل حلب وقلعتها وأعمالها ومنبج وأعمالها وسيره إليها، وأحضر ولده الظاهر منها إلى دمشق.

[ذكر بقية الحوادث]

منها: أن عز الدين مسعود صاحب الموصل قبض على نائبه مجاهد الدين قايماز وكان إليه الحكم في جميع البلاد، وكان الذى أشار عليه بذلك عز الدين محمود وشرف الدين [أحمد] (٤) بن أبى الخير وهما من أكابر أمرائه لهوى أنفسهما، ولما أراد القبض عليه لم يقدم على ذلك لقوة مجاهد الدين، فأظهر أنه مريض وانقطع عن الركوب عدة


(١) يذكر ابن العديم أن هذا المال الذى أخذه السلطان صلاح الدين من العادل هو ثمناً لحلب وذلك لحاجة السلطان للأموال من أجل إعداد وتجهيز الجيش، كما يذكر أن قيمته تبلغ ثلاثمائة ألف دينار مصرية. انظر: زبدة الحلب، جـ ٣، ص ٧٥.
(٢) انظر تفاصيل هذا الخبر في: الكامل، جـ ١٠، ص ١٢٤ - ص ١٢٥، طبعة بيروت؛ النوادر السلطانية، ص ٦٣ - ٦٤؛ الروضتين، جـ ٢ ق ١، ص ١٦٦ وما بعدها؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٣٦.
(٣) الربض: ما حول المدينة من الخارج. ويذكر ياقوت أنه "قل ما تخلو مدينة من ربض". انظر: معجم البلدان، جـ ٢، ص ٧٥٠.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة من التاريخ الباهر، ص ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>