للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيام فدخل إليه مجاهد الدين وحده، وكان لا يُمنع في الدخول عليه ولا على النساء، فلما دخل عليه قبض عليه وركب لوقته إلى القلعة واحتوى على الأموال التى لمجاهد الدين وخزائنه، وولى عز الدين محمود القلعة وجعل ابن صاحب العراق أمير حاجب، وكان تحت مجاهد الدين إربل وأعمالها، ومعه فيها يوسف بن زين الدين على، وهو صبى صغير ليس له من الحكم شيء، والحكم والعسكر إلى مجاهد الدين، وتحت حكمه أيضاً جزيرة ابن عمر، وهى لمعز الدين سنجر شاه بن غازى بن مودود، صبى صغير، وبيده أيضاً شهرزور [٩] وأعمالها وبها نوابه، ودقوقا (١) وبها نائبه، وقلعة عقر الحميدية (٢) ونائبه فيها، ولم يكن بقى لعز الدين صاحب الموصل بعد أن أخذ صلاح الدين البلاد الجزرية سوى الموصل، وكانت قلعتها بيد مجاهد الذين وهو على الحقيقة الملك، فلما قبض عليه عز الدين امتنع صاحب إربل والجزيرة من طاعته، وأرسل الخليفة (٣) إلى دقوقا من حاصرها وأخذها، ولم يحصل لعز الدين مسعود مما كان بيد المجاهد قايماز غير شهرزور، وصارت إربل وجزيرة ابن عمر أضر شيء على صاحب الموصل، وأرسل صاحبها إلى صلاح الدين بالطاعة له والكون في خدمته.

وكان الخليفة الناصر لدين الله قد سير صدر الدين شيخ الشيوخ (٤) ومعه بشير الخادم إلى صلاح الدين في الصلح مع عز الدين صاحب الموصل، فأجاب صلاح الدين إلى الصلح على أن تكون إربل والجزيرة معه، وتقرر الصلح. وإنما قوى طمع صلاح الدين في الموصل، لقبض صاحبها على مجاهد الدين، فلما تبين لعز الدين مسعود الضرر الذى ترتب على إمساك المجاهد قايماز، أمسك الذين أشاروا عليه باعتقاله، وأفرج عنه من الاعتقال، ثم رحل صلاح الدين عن الموصل (٥)، ونازل سنجار على ما ذكرناه عن قريب. (٦)


(١) دقوقاء: مدينة بين إربل وبغداد. معجم البلدان، جـ ٢، ص ٥٨.
(٢) عَقْر الحميدية: قلعة حصينة بالموصل. أبو الفدا: تقويم البلدان، ص ٢٧٤.
(٣) يقصد بالخليفة "الناصر لدين الله".
(٤) شيخ الشيوخ: هو عبد الرحيم بن إسماعيل بن أبى سعد أحمد بن محمد النيسابورى، توفى سنة ٥٨٠ هـ؛ انظر: الروضتين، جـ ٢ ق ١، ص ١٣٥؛ النجوم الزاهرة، جـ ٦، ص ٩٨؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ١٦٢.
(٥) وردت هذه الأحداث بتصرف في الباهر، ص ١٨٣ - ص ١٨٤؛ الكامل، جـ ١٠، ص ١٢٦ - ص ١٢٨؛ زبدة الحلب، جـ ٣، ص ٧٦ - ص ٧٧؛ النوادر السلطانية، ص ٦٤ - ص ٦٥.
(٦) وقد كان ابن شداد شاهد عيان للأحداث سابقة الذكر ويؤيد هذا قوله: "وكنا قد توسلنا إلى الخليفة الناصر لدين الله ........ وكنت مع القوم". انظر: النوادر السلطانية، ص ٦٤ - ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>