للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر السرايا الثلاث]

بتاريخ يوم الثلاثاء عاشر المحرم، ركب السلطان صلاح الدين من القدس على عادته في نقل الحجارة والجد في العمارة، ومعه أولاده الملوك والأمراء والقضاة والعلماء والصوفية والزهاد والأولياء، ولما دخل وقت الظهر نزل في خيمة ضربها ولده الملك الظاهر بالصحراء، وأحضر فيها السماط، ورعي ناسًا من الأمراء فحضروا وأكلوا، وصلي السلطان الظهر هناك وركب عائدًا إلى داره، وأمر بتجهيز السرايا. فتجرد عز الدين جرديك في سرية فأغار بهم يوم الأربعاء الحادي عشر من المحرم على يُبني (١)، وفيها الإفرنج بنية السكني، فغنموا اثني عشر أسيرًا وخيلًا ودوابًا كثيرة.

وفي يوم الثلاثاء ثاني صفر، أغارت السرية، وفيها عز الدين جرديك وعسكر القدس وجماعة من المماليك، على ظاهر عسقلان، وغنموا ثلاثين أسيرًا وخيولًا وبغالًا. وفي ليلة الأحد رابع عشر صفر، باتت سرية فيها فارس الدين ميمون (٢) القصري بتل الجَزَر (٣)، وساروا حتى أصبحوا على يُبني، وكمنوا وصبروا إلى أن استرسل الإفرنج إلى الطريق وأمنت، ثم ظهرت السرية على قافلة الإفرنج فكبسوها وأخذوها بأسرها مع رجالها وأحمالها وبغالها وأثقالها. ثم أغاروا على يافا، فقتلوا وهتكوا وغنموا وعادوا بالغنيمة والسبايا، وعجزت جماعة من المشي فضربوا أعناقهم صبرا (٤).

[ذكر خروج على بن أحمد المعروف بالمشطوب من الأسر]

وفي ربيع الآخر وصل الأمير سيف الدين على المذكور إلى السلطان بالقدس الشريف وقد خلص من الأسر، وكان أسيرة حين كان نائبا على عكا، فافتدى نفسه منهم بخمسين ألف دينار، فأعطاه شيئًا كثيرة منها، ثم استنابه على نابلس فتوفي بها في شوال منها (٥).


(١) يُبْني: بليدة قرب الرملة. انظر: معجم البلدان، جـ ٤، ص ١٠٠٧.
(٢) فارس الدين ميمون القصري: أحد الأمراء بدولة الظاهر غازي بن صلاح الدين، كما كان أميرًا من أمراء العزيز عثمان بن صلاح الدين، توفي بحلب سنة ٦١٠ هـ. انظر: المختصر في أخبار البشر، جـ ٣، ص ١١٥.
(٣) تل الجزر: حصن من أعمال فلسطين. انظر، معجم البلدان، جـ ١، ص ٨٦٦.
(٤) انظر الفتح القسى، ص ٥٨٦.
(٥) انظر الفتح القسى، ص ٥٨٧؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>