للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الملك المنصور، فإنه قد تسلم البلاد التي عينها له السلطان، ووصل إلى خدمة الملك العادل يوم السبت الحادي عشر من شعبان، فنزل عنده، ثم ركب العادل إلى السلطان يخبره بوصوله، وسأله في احترامه وإكرامه وطلاقه الوجه له. ثم أن المنصور لما قرب من السلطان استأذن ولده الظاهر في لقائه فأذن له في ذلك، فلقاه في بيت نوبة (١)، فنزل عنده وفرح بلقائه، وأقام عنده إلى العصر وذلك في يوم الأحد، ثم أخذه وسار به جريدة حتى أتي خيمة السلطان، فدخل عليه واحترمه واعتنقه وضمه إلى صدره، ثم غشيه البكاء فبكى بكاء كثيرًا حتى بكى الناس لبكائه، ثم باسطه وسأله عن الطريق، ثم قام وبات في خيمة ولده الملك الظاهر إلى صبيحة يوم الاثنين، ثم ركب وعاد إلى عسكره، ونشروا الأعلام والبيارق (٢). وكان معه عسكر جميل، فقرت عين السلطان بذلك، وكان ذلك في صبيحة يوم الاثنين الثالث عشر من شعبان، ونزل في مقدمة العسكر مما يلي الرملة (٣). وكان قدوم الملك الظاهر إلى خدمة والده السلطان يوم السبت الخامس من رجب في هذه السنة، ونزل في دار الإستبار وفرح السلطان به.

[ذكر هلاك مركيس - لعنه الله - صاحب صور]

وفي ثالث عشر ربيع الآخر يوم الثلاثاء، قتل مركيس لعنه الله؛ أرسل إليه ملك الإنكتار اثنين من [الفداوية] (٤) فأظهرا [التنصر] (٥) ولزما الكنيسة حتى ظفرا بالمركيس فقتلاه. (٦) وقال العماد الكاتب: فمسكهما الفرنج فوجدوهما من الفداوية (٧) الإسماعيلية مرتدين، فسألوهما: "من وضعكما على هذا التدبير؟ فقالا ملك الإنكتار، وذكرا أنهما تنصرا منذ ستة أشهر، وكان خدم أحدهما ابن بارزان، والآخر صاحب صيدا، لقربهما من المركيس، فبهذا الطريق وصلا إلى المركيس فقتلاه، ثم قتلهما الإفرنج أشد قتلة.


(١) بيت نوبة: أو نوبا، بليدة من نواحي فلسطين. انظر: معجم البلدان، جـ ١، ص ٧٨١.
(٢) البيرق: معرب اللفظ الفارسي بيراق ومعناها الراية والعلم واللواء. انظر: القس طوبيا "العيسى الحلبي": تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية مع ذكر أصلها، ص ١٥، القاهرة ١٩٣٢.
(٣) انظر: النوادر السلطانية، ص ٢٣٠ - ٢٣١.
(٤) "الداوية" في الأصل. والمثبت هو الصحيح.
(٥) "النصر" كذا في الأصل، والمثبت هو الصحيح من الفتح القسى، ص ٥٨٩.
(٦) النص الذي أورده العينى مضطرب ولا يتسق مع سياق الحدث ويتضح ذلك مما أورده العماد في الفتح القسي، ص ٥٨٩.
(٧) الفداوية: إحدى فرق الإسماعلية، وقد سمتها العامة باسم الفداوية. انظر: خطط الشام، جـ ٦، ص ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>