للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ملك بلاد أذربيجان أرسل إلى الكرج يؤذنهم بالحرب، فشرعوا في جمع عساكرهم، فجمعوا ما يزيد على ستين ألفا، فسار إليهم جلال الدين ونازل مدينة دوين (١) وهي من بلادهم، وكانت قبل ذلك للمسلمين، ثم سار منها إليهم، وضرب معهم مصافا، فانهزمت الكرج أقبح هزيمة [٢٠] فأمر جلال الدين أن يقتلوا بكل طريق ولا يبقى على أحد منهم، فبلغت عدة القتلى منهم عشرين ألفا، وقيل: أكثر من ذلك. وأسر كثير من أعيانهم، ومضى إيوانى مقدمهم منهزما، فأدركه الطُّلب، فصعد قلعة لهم على طريقه، فاحتمى بها، فرتب السلطان عليها من يحصرها ويمنعه من النزول منها، ثم فرق عساكره في بلاد الكرج ينهبون ويقتلون ويأسرون ويخربون البلاد، وأمر العساكر بالمقام فيها مع أخيه غياث الدين تترشاه، وعاد إلى تبريز وقبض على رئيسها وأمر بقتله، وعلى مقدميها وأمر بحبسهم؛ لأنه كان قد بلغه عنهم أنهم تحالفوا وتعاقدوا على العصيان عليه، وإعادة البلاد إلى أزبك بن البهلوان، ثم تزوج امرأة أزبك على ما ذكرناه (٢).

[ذكر بقية الحوادث]

منها أنه كان غلاء شديد بالعراق والشام وبسبب قلة الأمطار وانتشار الجراد، ثم جاء عقيب ذلك فناء كثير بالعراق والشام أيضا، فمات بسببه خلق كثير في البلاد (٣).

ومنها أن الملك الكامل جدد عرض عساكره بمصر، وبرز وأقام في الخيام بباب النصر لما عزم أخوه الأشرف على المسير إلى أخيه المعظم ليصالحه.

ومنها أن المعظم صَلَب في سوق الغنم العتيق في طريق الميدان الأخضر شمس الدين بن الكعكى ورفيقا له، مُنَكَّسَيْن على رأسيهما (٤)، وكان ابن الكعكى رأس حرب (٥) ومعه جماعة، فكانوا ينزلون على الناس في البساتين، ويقتلون وينهبون، والمعظم في الكرك، وبلغه أن ابن الكعكى قال لأخى المعظم: الصالح إسماعيل كان بِبُصْرَى (٦) أنا آخذ لك دمشق. فكتب إلى والي دمشق بأن يصلب ابن الكعكى ورفيقه


(١) دوين: بلدة من نواحي أران في آخر حدود أذربيجان بقرب تفليس. معجم البلدان، ج ٢، ص ٦٣٢.
(٢) انظر: الكامل، ج ١٢، ص ٤٣٤ - ص ٤٣٦؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٥٢ - ص ١٥٥.
(٣) الكامل، ج ١٢، ص ٤٤٧ - ص ٤٤٨؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١١٤.
(٤) "رُؤُسِّهما" كذا في الأصل والصحيح لغة ما أثبتناه.
(٥) رأس حرب: أي رأس عصابة مسلحة. نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٣٢.
(٦) في الأصل: "كان بصري" والتصحيح من نهاية الأرب لاستقامة المعنى، ج ٢٩، ص ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>