للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العماد: ولم يكن له فرس يركبه إلا وهو موهوب، ولا جاءه قود إلا وهو مطلوب، ولا رد سائلا ولا أخجل ماثلاً ولا خيب آملا. قال: شكى إليه أيوب بن كنان (١) ديناً مبلغه اثنا عشر ألف دينار فقضاه عنه. قال: وكتب إليه سيف (٢) الدوله بن منقذ نائبه بمصر إن بعض الضُّمان انكسر عليه مال كثير وربما وصل إلى الباب وعجل، فلما كان بعد أيام وصل ذلك الرجل إلى الباب وتمحل، وبلغ السلطان فأرسل إليه يقول: احذر احذر أن تقع في عين ابن مُنقذ (٣).

قال: وفتح آمد ووهبها لابن قرا أرسلان، واجتمع عنده وفود بالقدس، ولم يكن عنده مال فباع ضيعة من بيت المال وفرق ثمنها فيهم. وإنه -رحمه الله - لم يخلف في خزانته إلا سبعة وأربعين [درهماً ناصرية] (٤) وديناراً واحداً صورياً، ولم يخلف عقاراً ولا بستاناً ولا قرية ولا شيئاً من الأملاك (٥)، وحوسب صاحب ديوانه فخرج عليه تسعون ألف دينار بإقراره، فما طلبها ولا أراه أنه عرفها، ولم يرض له بعد هذا بالعُطلة فولاه ديوان جيشه، وكان إذا فتح بلداً أو أخذ إقليماً وهبه لبعض أقاربه أو أمرائه أو أتباعه.

[التاسع في معروفه]

قال ابن خلكان: ولما ملك السلطان صلاح الدين الديار المصرية لم يكن بها شيء من المدارس، فإن الدولة المصرية كان [١٦٧] مذهبها مذهب الإمامية (٦)، فلم يكونوا يقولون بهذه الأشياء، فعمر بالقرافة الصغرى المدرسة (٧) المجاورة لضريح الإمام الشافعي -رحمه الله -، وبنى مدرسته بالقاهرة في جوار المشهد المنسوب إلى الحسين - رضي الله عنه -


(١) "كيان" في الأصل. والمثبت من الفتح القسي، ص ٦٥٧؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٤٣٧.
(٢) سيف الدوله هو: أبو الميمون المبارك بن كامل بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني، الملقب سيف الدولة محب الدين، من أمراء الدولة الصالحية، ولد سنة ٥٢٦ هـ، وتوفي سنة ٥٨٩ هـ. وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ١٤٦.
(٣) ينقل العينى هذا النص بتصرف من الفتح القسي، ص ٦٥٦ - ٦٥٧، وإن كان قد نقله بالنص من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٧٣.
(٤) ما بين حاصرتين إضافية من النوادر، ص ١٧؛ الروضتين، جـ ٢، ص ٢١٧؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٤.
(٥) الروضتين، جـ ٢، ص ٢١٧.
(٦) مذهب الإمامية: هم القائلون بإمامة على - رضي الله عنه - بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - نصاً ظاهراً ويقيناً صادقاً. انظر الشهرستاني، الملل والنحل، جـ ١، ص ١٦٢.
(٧) المدرسة الشافعية هي: المدرسة الناصرية، كان حبس للشحن يعرف بدار المعونة لإقامة العقوبات وسفك الدماء، فأعادها صلاح الدين مدرسة للشافعية وعمرها في أوائل سنة ٥٦٦ هـ، وكان صلاح الدين حينئذ يتولى وزارة مصر للخليفة العاضد الفاطمي، انظر: البنداري، سنا البرق الشامي، قسم ١، ص ١٠٧؛ المقريزي، الخطط، جـ ٢، ص ٣٤٥، ص ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>