للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المرآة: (١) بلغ صلاح الدين أن الهنفرى يريد أن يغير على دمشق، فبعث عز الدين فرخشاه ابن أخيه بعساكر دمشق، [إلى قرن الحرة] (٢) وقال له يقيم عند مرج عيون (٣)، فإن جاؤوك فأرسل كتب الطيور إلىَّ، ولا تواقعهم (٤) حتى آتيك، فسار ونزل مرج عيون، فلم يشعر إلا بطلائع الهنفري قد خالطته، ووقع القتال، فلم يقدر فرخشاه على إعلام صلاح الدين، فقاتلهم بنفسه، وجرح الهنفري جراحة موثقة (٥)، فأخذوه وانهزموا، وغنمهم فرخشاه، ومات الهنفري بعد أيام، وجاء صلاح الدين فنزل قصر يعقوب (٦)، وبعث السرايا والغلات إلى بلد الإفرنج.

ذكر بناء الإفرنج قلعة عند بيت الأحزان (٧)

وفي هذه السنة بنت الإفرنج -لعنهم الله- قلعة عند بيت الأحزان للداوية (٨)، فجعلوه مرصادًا لحرب المسلمين وقطع طرقاتهم عليهم، ونقضت ملوكهم العهد التي كانت بينهم وبين صلاح الدين، وأغاروا على نواحي البلدان من كل جانب؛ ليشغلوا المسلمين عنهم وتتفرق جيوشهم، فلا تجتمع في بقعة واحدة. فرتب السلطان ابن أخيه تقي الدين عمر بثغر حماة، ومعه شمس الدين بن المقدم، وسيف الدين علي بن أحمد المشطوب. وبثغر حمص ابن عمه ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه، وبعث


(١) انظر هذا النص في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٢٣.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٢٣، حيث ينقل العينى عنه.
(٣) مرج عيون: بسواحل الشام قريبة من شقيف أرنون، انظر: معجم البلدان، جـ ٤، ص ٤٨٨؛ زبدة الحلب، جـ ٣، ص ١٠٨.
(٤) "توافيهم" في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٢٣، والمثبت من نسختي أ، ب. حيث يتناسب مع السياق.
(٥) عن إصابات الهنفري بالتفصيل. انظر: الروضتين، جـ ٢ ق ١، ص ١٥.
(٦) "بيت يعقوب" في الكامل، جـ ١٠، ص ٩٥؛ "مشهد يعقوب" في البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢٤.
(٧) بيت الأحزان: بلد بين دمشق والساحل، سميت بذلك لاعتقادهم أنه كان مسكن يعقوب عندما فارق يوسف (-عليه السلام-). انظر: معجم البلدان، جـ ١، ص ٧٧٥.
(٨) الداوية: تطلق على جمعية فرسان المعبد Templiers وقد أسسها Hugh de Payns عام ١١١٩ م وذلك لحماية طريق الحجاج المسيحيين بين يافا وبيت المقدس. King: Knight Hospitallers. PP.١ - ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>