للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الملوك وأصحاب الأطراف المجاورين لهم يطلب تجديد العهود لنور الدين على القاعدة التي كانت بينهم وبين أبيه، فلم يُصبح إلا وقد فرغ من كل ما يحتاج إليه وجلس للعزاء، وخَلَّفَ الجُند والرعايا، وضبط المملكة مع صغر السلطان وكثرة الطامعين في الملك، فإنه كان معه في البلد أعمام أبيه، وكان عمه عماد الدين زنكي بن أرسلان شاه بقلعة عقر الحميدية، يحدث نفسه بالملك، لا يشك أن الملك يصير إليه بعد أخيه. فرقّع بدر الدين لؤلؤ ذلك الخرق وأحسن إلى الناس عامة وخلع عليهم، وأحسن السيرة وكشف الظلامات وأنصف بعضهم من بعض.

وبعد أيام وصل التقليد من الخليفة إلى نور الدين بالولاية، ولبدر الدين لؤلؤ بالنظر في أمر دولته، والتشريفات لهما، وأتتهم رسل الملوك بالتعزية وبذل ما طلب منهم من العهود، واستقرت القاعدة لهما.

وقال ابن كثير (١): ولما أُجلس أرسلان شاه بن القاهر في المملكة وكان به قروح وأمراض، تحرك عمه عماد الدين زنكي بن أرسلان شاه وقصد العمادية واستولى عليها، ثم استولى على قلاع الهكارية والزوزان (٢)، واستنجد بدر الدين لؤلؤ المتولى على ملك الموصل ومدبر أرسلان شاه بالملك الأشرف ابن الملك العادل ودخل في طاعته، فأنجده الملك الأشرف بعسكر وساروا إلى عماد الدين زنكي بن أرسلان شاه وهزمه، وكان زنكي متزوجا ببنت مظفر الدين كوكبوري صاحب إربل، وأم البيت ربيعة خاتون بنت أيوب أخت الملك العادل. وكان مظفر الدين لا يترك ممكنا في نجدة صهره زنكي المذكور ويبالغ في عداوة بدر الدين لؤلؤ لأجل صهره.

[ذكر وفاة نور الدين أرسلان شاه ابن الملك القاهر عز الدين مسعود صاحب الموصل]

وذكر بيبرس (٣) في تاريخه وفاته في هذه السنة، وذكره المؤيد (٤) في السنة الآتية.


(١) ورد هذا الحدث في الكامل لابن الأثير، ج ١٠، ص ٣٨٣ - ٣٨٤. ولم نجده في البداية والنهاية كما ورد بالأصل.
(٢) زوزان: ناحية واسعة في شرقي دجلة من جزيرة ابن عمر. وهي بين الموصل وخلاط وأذربيجان، معجم البلدان، جـ ٢، ص ٩٥٧.
(٣) انظر: الكامل، جـ ١٠، ص ٣٨٦.
(٤) المختصر في أخبار البشر، ج ٣، ص ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>