لم أكن أنوي القيام بكتابة توطئة لهذا الجزء الذي بين أيدينا وهو الجزء الثالث من هذا السفر الضخم (عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان) للمؤرخ الكبير "بدر الدين محمود العيني"، وذلك لأنني سبق أن قدمت للكتاب عمومًا في افتتاحية الجزء الأول.
ولكن حدثت أمور تتصل بهذا الجزء تطلبت مني أن أسطر هذه التوطئة، وذلك لعدة أسباب: من هذه الأسباب ما يرجع إلى المخطوطات المعتمدة في هذا التحقيق، إذ فوجئت بسقوط سنتين من الكتاب هما سنة "٦٠٠ هـ وسنة ٦٠١ هـ". وقد أشرت إلى ذلك في الحاشية المختصة بسنة ٦٠٢ هـ. ومن هذه الأسباب كذلك ما حفل به هذا الجزء من أحداث تاريخية بعد وفاة السلطان "الناصر صلاح الدين"، الذي تقاسم أولاده الملك من بعده، وكان للعادل أخيه نصيب في ذلك، حيث تولى ولاية الكرك والشوبك، غير أن العادل أخذ يؤلب أبناء صلاح الدين على بعضهم البعض حتي صفا له الجو فانفرد بالسلطة كلها، ولم يكتف بذلك بل نقل ولاية العهد من أبناء أخيه إلى أبنائه هو، مما كان له الأثر البعيد على مصير دولة بني أيوب كلها. لذلك كان لابد لي من الإشارة إلى ذلك.
والسبب الأخير لهذه التوطئة هو أنني يجب أن أُذَكِّر القارئ الكريم أن العيني لم يقسم كتابه إلى أجزاء، وإنما تناوله من حيث العصور الإسلامية المتعاقبة. وبالنسبة للعصر الأيوبي فقد أخذت على عاتقي تقسيمه إلى أجزاء، وحاولت أن أوجد توازنًا بينها من حيث الحجم، إلا أنني وجدت نفسي مضطرًا إلى أن يكون هذا الجزء أكبر حجمًا من