للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعبان مريضًا، فمات ودفن بمدرسته التي أنشأها بالموصل مقابل دار السلطنة، وأوصى بالملك لولده الأكبر نور الدين أرسلان شاه، وكان أخوه شرف الدين مودود يروم السلطنة فصرفها عنه أخوه عز الدين إلى ولده نور الدين أرسلان شاه، وقام بالأمور مجاهد الدين قايماز أحسن قيام. وكان عز الدين عادلًا منصفًا محسنًا عاقلًا جوادًا، صبر على حصار صلاح الدين الموصل ثلاث مرات، وحفظ البلاد وفرق الأموال وداري حتي سلم له الملك، وكان قد بنى في داره مسجدًا يخرج إليه في الليل ويصلى فيه أورادًا كانت له، ويلبس فرجية أهداها له الشيخ عمر الصوفي فيصلي فيها (١).

[ذكر وفاة سيف الدين بكتمر صاحب أخلاط]

قتل في أول جمادى الأولى من هذه السنة، وكان بين قتله وبين وفاة السلطان صلاح الدين يوسف شهران، ولما بلغ بكتمر موت صلاح الدين أسرف في إظهار الشماتة بموت السلطان، وضرب البشائر ببلاده، وفرح فرحًا عظيمًا، وعمل تختًا فجلس عليه ولقب نفسه السلطان المعظم صلاح الدين، وكان اسمه بكتمر فسمى نفسه عبد العزيز، فلم يمهل الله تعالى عليه، وكان بكتمر هذا من مماليك ظهير الدين شاهرمن وكان له خشداش (٢) اسمه هزار ديناري، وكان قد قوي وتزوج بابنة بكتمر، فطمع في الملك فوضع على بكتمر من قتله، ولما قتل ملك بعده هزار ديناري أخلاط وأعمالها. واسم هزار ديناري المذكور آقسنقر، ولقبه بدر الدين، جلبه تاجر جرجاني -يسمي علي- إلى أخلاط فاشتراه (٣) منه شاهرمن وأعجب به، فجعله ساقيًا له ولقبه هزار ديناري، وبقي على ذلك برهة من الزمان، فلما تولى بكتمر على مملكة أخلاط بقي هزار ديناري من أكبر الأمراء وتزوج بابنة بكتمر عينا خاتون، ولما قتل بكتمر خلف ولدًا فأخذ هزار


(١) لم يرد هذا النص بالتفصيل في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٨٠؛ وإنما ورد بالتفصيل في الباهر، ص ١٨٥ - ص ١٨٩.
(٢) من الواضح أن العيني تأثر بلغة عصره، ومن ثم فقد استخدم كلمة "خشداش" بالرغم من أنها لم تستخدم في العصر الأيوبي من قبل، وكلمة خشداش وهي معرب اللفظ الفارسي خواجا تاش أي الزميل في الخدمة. وتجمع خشداسية أو الخوشداشية أو الخوجداشية أو الخجداشية في اصطلاح عصر المماليك بمصر. انظر: المقريزي، السلوك، جـ ١، ص ٣٨٨، حاشية ٣.
(٣) الكامل، جـ ١٢، ص ٤٣؛ المختصر، جـ ٣، ص ٨٨ - ص ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>