للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت هدنتهم إلى سبعة أشهر على أنه إن جاءهم من ينصرهم [٦٠] وإلا سلّموا (١) البلد إلى السلطان رحمه الله.

ذكرُ رحيل السّلْطان مُتَوجّهًا إلى دمشْقَ

لما فرغ السلطان من أمْرِ بُغراس ومُهادنة صاحب أنطاكية، رحل قاصدًا الشامَ، فأتى حلب ودخلها في حادي عشر شعبان، ثم أعطى دستورًا للعسكر، وودع عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي بعد أن أنعم عليه بأنواع التحف والأمتعة الدواب، ويقال: إنما دخل السلطان حلب لأن ولده الملك الظاهر سأله ذلك، فأتاها وأقامَ بقلعتها ثلاثة أيام، وولده يقوم بالضيافة حق القيام، ولم يبق في العسكر إلا من ناله شيء من نعمته، وبالغ في ذلك حتى أشفق عليه والده، ثم سار السلطان من حلب في الرابع عشر من شعبان قاصدًا دمشق فاعترضه ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين وأصعده إلى قلعة حماة، واصطنع له طعامًا حسنًا وأحضر له سماع الصوفية، وبات فيها ليلةً واحدةً، وأعطاه السلطان جبلة واللاذقية، ثم سار على طريق بعلبك حتى أتاها وأقام بمرجها يومًا، ودخل إلى حمامها، ثم سار منها حتى أتى دمشق قبل دخول رمضان بأيام يَسيرة فأقام بها حتى دخل رمضان، وما كان يرى بتبطيل وقته عن الجهاد مهما أمكنه، وكان قد بقي له من القلاع القريبة من حوران التي يخاف عليها من جانبها صَفد وكوكب، فرأى أن يُشغل الزمان بفتح المكانين في الصوم (٢). وقال ابن كثير (٣): ولما دخل السلطان دمشق أشاروا عليه بتفريق العسكر ليُريحوا ويَستريحوا. فقال السلطان: إن العمر قصير، والأجل غير مأمون، فخرج من دمشق لغزوته في أوائل رمضان يريد صفَد (٤).

ذكر فتح صَفد

ولما خرج من دمشق أتي علي صفد في أثناء شهر رمضان، وهي قلعة منيعة قد تقاطع حولها بالأودية، فأحدق العسكر بها، ونصَب عليها المجانيق، ولم يزل القتال متواصلًا بالنُوَب مع الصوم حتى سلموها بالأمان في الرابع عشر من شوال من هذه


(١) "أسلموا" كذا في الأصل، والمثبت من النوادر السلطانية، ص ٩٤. حيث ينقل العينى عنه.
(٢) ورد هذا النص بتصرف في النوادر السلطانية، ص ٩٤؛ الفتح القسي، ص ٢٦٣ - ص ٢٦٥.
(٣) القول هنا لابن الأثير وليس لابن كثير. انظر: الكامل، ج ١٠، ص ١٧٥.
(٤) الكامل، ج ١٠، ص ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>