للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإذنه. وقد كان مَنْ بخلاط أيقن بذهاب الأنفس والأموال، فدفع الله عنهم، ثم جرى ما ذكرنا حتى أَطلَقَ الأوحدُ ملك الكرج في ثاني عشر جمادى الأخرى.

قال ابن تاج الأمناء: ومن أعجب ما سمعته في هذه القصة أن إيواني لما نزل بخلاط قال له منجمه في بكرة يومه: إنك ستدخل إلى قلعة خلاط قريب العصر من يومك في زي غير زيك، فتخيل قوله في نفسه وشرب، فلما سكر ذكر قول المنجم وكان قسيسه، فركب لوقته وزحف، فكان من أمره ما قدر الله تعالى، وأدخل القلعة وقت العصر أسيرًا لابسًا خلعة الأوحد.

وفي تاريخ المؤيد (١): واتفق أن ملك الكرج شرب وسكر، فَحَسَّن له السكر أن تقدم إلى خلاط في عشرين فارسًا، وخرج (٢) إليه المسلمون فتقنطر وأخذ أسيرًا وحمل إلى الأوحد، فَرَدَّ عليه عدة قلاع، وبذل إطلاق خمسة آلاف أسير، ومائة ألف دينار، وعقد الهدنة مع المسلمين ثلاثين سنة. فتسلم ذلك كله منه، وأقام وتحالفًا، ثم أطلقه فخرج.

ذكر عصيان سنجر الخليفتي بخوزستان (٣)

وذلك أن الخليفة الناصر لدين الله كان قد ولاه إياها بعد طاشتكين أمير الحاج فتغير عن الطاعة، وأبطن التغلب على البلاد [٣٢٧]، وبقى الأمر كذلك، فأمر الخليفة مؤيد الدين نائب الوزارة وعز الدين نجاح الشرابي بالمسير إليه بالعساكر وإخراجه عن خوزستان، فسارا في عسكر كثيرة، فلما تحقق سنجر قصدهم إليه لحق بصاحب شيراز وهو سعد بن دكلا ملتجئًا إليه فأكرمه وقام دونه، ووصل عسكر الخليفة إلى خوزستان بغير ممانعة فلما استقروا في البلاد راسلوا سنجرا يدعونه إلى الطاعة فلم يجب، فساروا إلى أرجان (٤) عازمين علي قصد صاحب شيراز فأدركهم الشتاء وأقاموا شهورًا والرسل متردده بينهم فلم يجبهم. فلما دخل شهر شوال رحلوا يريدون شيراز، فحينئذ أرسل صاحبها إلى الوزير والشرابي يشفع فيه ويطلب العهد له على أن لا يؤذي فأجاباه إلى ذلك وسلمه إليهما هو


(١) انظر: المختصر في أخبار البشر، جـ ٣، ص ١١٣.
(٢) "وخرجت" في الأصل، والصحيح ما أثبتناه.
(٣) ورد هذا الخبر بالتفصيل في الكامل، جـ ١٠، ص ٣٥٢، ص ٣٥٣؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٥٤، ص ٣٥٥.
(٤) أرَّجَان: هي كورة من كور فارس، وهي مدينة كبيرة، بينها وبين شيراز مائة وثمانون ميلًا، وبينها وبين الأهواز مائة وثمانون ميلًا، معجم البلدان، جـ ١، ص ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>