للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلغ الخبر الملك العادل فكاد يسلم لكنه تماسك، وبلغ عسكر الأفضل باب البريد فلما رأى عسكر العادل قلة عسكر المصريين وثبوا عليهم فأخرجوهم، وكان الأفضل قد نصب خيامه بالميدان الأخضر فأشير عليه بالانتقال إلى ميدان الحصى (١) ففعل، وقويت نفوس الدمشقيين وضعفت نفوس المصريين، وتعصبت الأكراد وصاروا شيئا واحدًا.

فتأخر الأفضل قليلا، ثم وصل أسد الدين شيركوه صاحب حمص إلى الأفضل، ووصل بعده الملك الظاهر صاحب حلب، وأرادوا الزحف على دمشق فمنعهم الظاهر مكرًا بأخيه الأفضل وحسدًا له، ولم يشعر أخوه بذلك منه، ولما رأى العادل كثرة العساكر وتتابع الأمداد، عظم عليه ذلك وأرسل إلى المماليك الناصرية الذين بالقدس يستدعيهم إليه، وبلغ الأفضل أنهم ساروا إلى العادل، فسير أسد الدين شيركوه صاحب حمص ومعه جماعة من الأمراء إلى طريقهم ليمنعوهم، فساروا في غير الجادة وعبروا دمشق، فقوى العادل بهم وآيس الأفضل من دمشق، ثم إن العادل سير خلف ابنه الكامل ليحضر إليه، وكان على ماردين فسار على طريق البر ودخل دمشق، وانقضت السنة والحال على مثل ذلك (٢).

[ذكر وفاة صاحب الغرب]

والكلام فيه على أنواع:

هو السلطان الكبير أبو يوسف يعقوب بن أبي يعقوب يوسف بن أبي محمد عبد المؤمن بن على القيسي الكومي، صاحب بلاد الغرب الملقب بالملك المنصور. ولد ليلة الأربعاء رابع شهر [ربيع] (٣) الأول سنة أربع وخمسين وخمسائة، ولما مات أبوه في سنة ثمانين وخمسائة على ما ذكرناه اجتمع رأي أشياخ الموحدين وبني عبد المؤمن على تقديمه، فبايعوه وعقدوا له الولاية ودعوه أمير المؤمنين كأبيه وجده، ولقبوه المنصور (٤).


(١) ميدان الحصى: قبلي دمشق، معجم البلدان، ج ٣، ص ٥٩٥.
(٢) ورد هذا الحدث بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ٢٥٧ - ص ٢٥٨.
(٣) ما بين حاصرتين إضافة من النسخة د.
(٤) أبو يوسف يعقوب بن أبي يعقوب يوسف بن أبي محمد عبد المؤمن صاحب الغرب. وفيات الأعيان، ج ٧، ص ١٣٠ - ص ١٣٨، وقد ذكر أن مولده في سنة ثمان عشر وخمسمائة. المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>