للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصلح أحوالها [١٤] وعاد إلى مراكش. وكان عادلاً دينًا محبًا للعلماء، فاستقامت له الأحوال إلى أن توفاه الله تعالى، وكانت كنيته أبا يوسف (١)

قال ابن كثير: ملكوه في الوقت الذي مات فيه أبوه، لئلا يكونوا بغير ملك يجمع كلمتهم لقربهم من العدو، فقام بالملك أحسن قيام. (٢)

[ذكر غزوة صلاح الدين يوسف الكرك مرة أخرى ثانية]

وذلك لأنه رأى أن فتحها الآن أنفع للمسلمين؛ فإن الفرنج الذين فيها يقطعون الطريق على الحجيج والتجار في البراري والبحار، فأرسل إلى العساكر الحلبية والجزرية والمصرية. فقدم تقي الدين عمر من مصر، وكان نائبه فيها كما ذكرنا، ومعه القاضي الفاضل. وجاء من حلب الملك العادل أبو بكر أخوه. وقدمت ملوك الجزيرة وسنجار وتلك النواحي والأقطار [كلها] (٣) وأخذها كلها مع جيشه، فسار بهم إلى الكرك فأحدقوا بها في رابع عشر جمادى الأولى من هذه السنة، وركَّب عليها المجانيق وكانت تسعة، وأخذ في حصارها وضيق على أهلها، واشتد القتال فملك المسلمون الربض وبقي الحصن، وله خندق عمقه ستون ذراعًا، فألقي فيه الأحجار والأخشاب والأتربة. ورأي الفرنج شدة القتال وعرفوا عجزهم عن حفظ الحصن، فأرسلوا إلى ملكهم وفرسانهم يستمدونهم فاجتمعوا من كل مكان. فلما بلغ صلاح الدين خبر مسيرهم رحل عن الكرك إلى طريقهم، ليقاتلهم ويعود بعد أن يهزمهم إلى الكرك، فقرب منهم ولم يمكنه الدنو منهم لضيق الأرض وصعوبتها، وانتظر خروجهم من ذلك المكان فلم يخرجوا. فرحل وسار إلى مدينة نابلس، ونهب كل ما على طريقه من البلاد، فلما وصل إلى نابلس أحرقها وأخربها، وقتل وأسر وسبي (٤). وسار إلى سبسطية (٥)، وبها مشهد


(١) ورد هذا النص بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ١٢٩.
(٢) نقل العينى هذا النص بتصرف من البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٣٦.
(٣) "كله" في الأصل.
(٤) الكامل، ج ١٠، ص ١٢٧ - ص ١٢٨؛ كما ورد هذا النص بإطناب في الروضتين نقلاً عن العماد الأصفهاني، انظر: الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ١٧٨ - ص ١٨٣؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٣٩.
(٥) سبسطية: بلدة من نواحي فلسطين بينها وبين البيت المقدس يومان وبها قبر زكريا ويحيى عليهما السلام. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>