للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر من توفى فيها من الأعيان]

قاضى القضاة محيى الدين محمد بن محمد بن عبد الله، أبو حامد قاضى القضاة بالموصل ابن قاضى القضاة كمال الدين الشهرزورى الشافعى (١) دخل بغداد للاشتغال فتفقه على الفقيه أبى منصور بن الرزاز وتميز، ثم أصعد إلى الشام، وولى قضاء دمشق نيابة عن والده، ثم انتقل إلى حلب وحكم بها نيابة عن أبيه أيضاً في شهر رمضان سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وبه عزل ابن أبى جرادة المعروف بابن العديم [١٠٣]، وبعد وفاة والده انتقل إلى الموصل وتولى قضاءها، ودرس بمدرسة والده، وبالمدرسة النظامية بالموصل، وتمكن عند صاحب الموصل عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود بن زنكى، واستولى على جميع الأمور، وتوجه من جهته رسولا إلى بغداد مرارا، وكان محيى الدين جواداً سرياً، قيل إنه أنعم في بعض رسالته إلى بغداد بعشرة آلاف دينار أميرية، على الفقهاء والأدباء والشعراء والمحاويج. ويقال إنه في مدة حكمه بالموصل لم يعتقل غريما على دينارين فما دونهما، بل كان يوفيهما عنه، ويحكى عنه مكارم كثيرة ورئاسة ضخمة، وكان من النجباء عريقا في النجابة تام الرئاسة، كريم الأخلاق رقيق الحاشية، له في الأدب مشاركة حسنة، وله أشعار جيدة، فمن ذلك ما قاله في وصف جرادة وهو تشبيه غريب:

لها فخذا بَكرٍ وسَاقا نعامةٍ … وقادِمتا نسَرٍ وجؤجؤ (٢) ضَيْغمٍ

حبتها أفاعي الرمل بطناً وأنعمت … عليها جياد الخيل بالرأس والفمِ (٣)

وله في وصف نزول الثلج من الغيم:

ولما شاب رأس الدهر غيظاً … لما قاساه من فقد الكرام

أقام يُميط عنه الشيب غيظا … ويَنثُر ما أماط على الأنام (٤)


(١) العماد الأصفهاني، الخريدة، جـ ٢، ص ٣٢٩ - ص ٣٣٦؛ الذهبى، العبر، جـ ٤، ص ٢٥٩؛ وفيات الأعيان، جـ ٤ ص ٢٤٦، ص ٢٤٨؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٤١.
(٢) الجُؤْجُؤ: مجتمع رؤوس عظام الصدور، وصدر السفينة والجمع جَاجئَ. المعجم الوجيز، ص ٩٥.
(٣) وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٢٤٦ - ص ٢٤٧.
(٤) ذكر ابن خلكان بيت الشعر هكذا
أقام يميط هذا الشيب عنه … وينثر ما أماط على الأنام
انظر، وفيات الأعيان جـ ٤، ص ٢٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>