للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنه كان عبور تقي الدين الفرات وملكهـ حران وغيرها من البلاد الجزرية ومسيرة إلى خلاط وموتة. وذلك أن صلاح الدين عمه أقطعه إياها بعد أخذها من مظفر الدين، مضافا إلى ما كان بيده من الشام، وقرر معه أن يقطعه للجند ليتقوى على الإفرنج، فلما عبر الفرات سار إلى ميافارقين، وكانت له، فتجدد طمعه إلى غيرها من البلاد المجاورة لها، فقصد مدينة حاني (١) من ديار بكر، فحصرها وملكها، فلما سمع سيف الدين بكتمر صاحب خلاط جمع عسكره، فكانت أربعة آلاف نفس من الفرسان، فاقتتلوا، فلم تقف عسكر خلاط لتقى الدين بل انهزموا قدامه، فتبعهم، فسار إلى خلاط فحاصرها، ولم يبلغ منها غرضا، فعاد عنها وقصد منَازكرْد (٢)، وضيق على أهلها، فمرض تقي الدين، فمات، واستقر ولده بحماة، ورجع عسكره إلى ميافارقين، وعاد بكتمر إليها، وقوى أمره وانتزح عنه ضده (٣).

ومنها أن في سابع المحرم منها دخل ألب أرسلان ابن السلطان طغريل إلى بغداد، وهو صبي صغير وعليه كفمن وبيده سيف مشهور كأنه يطلب عفو الخليفة، وجاء فنزل بباب النوبي وباس العتبة، فبكى أهل بغداد ورق له الخليفة وأنزله دار ابن العطار مقابل المخزن، وأكرمه وأحسن نُزله وعفى عن جرائم أبيه وما فعل بابن يونس، واستدعاه إلى باب الحجرة وخلع عليه خلعه السلطنة وطوقه بطوق من ذهب، واجتمع بولي العهد أبي نصر محمد.

ومنها أن الخليفة بني دار الفلك، ورتب فيها ابنه السيد العلوي، ويقال لها بيت الجدود.

وفيها حج بالناس من بغداد طاشتكين (٤).


(١) "جاني" في الأصل والتصحيح من أبي الفدا، تقويم البلدان، ص ٢٧٤، وهي مدينة من مدن ديار بكر.
(٢) مَنازكرْد أو منازجرد أو ملازجرد أو ملازكرت بلدة مشهورة بين خلاط وبلاد الروم، انظر: معجم البلدان، جـ ٤، ص ٦٤٨؛ تقويم البلدان، ص ٣٩٤ - ص ٣٩٥.
(٣) ورد هذا النص في الكامل، جـ ١٠، ص ٢٠٣ - ٢٠٤. أحداث سنة ٥٨٧ هـ.
(٤) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>