للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه السنة (١) سار من عسكر خوارزم شاه عشرة آلاف فارس بأهليهم وأولادهم إلى بلاد الجبل فوصلوا إلى زنكان (٢)، وكان أيتغمش صاحبها مشغولًا مع صاحب إربل وصاحب مراغة، واغتنموا خلو البلاد، فلما عاد مظفر الدين إلى بلده وانفصل الحال بين أيتغمش وصاحب مراغة سار أيتغمش نحو الخوارزمية [٢٨٨] فلقيهم وقاتلهم فاشتد القتال بين الطائفتين، وانهزم الخوارزميون وأخذهم السيف، فقتل منهم وأسر خلق كثير، ولم ينج منهم إلا الشريد.

[ذكر غارة ابن لاون على أعمال حلب]

وفي هذه السنة (٣) توالت الغارة من ابن لاون الأرمني صاحب الدروب على ولاية حلب، فنهب وحرق وسبي وأسر، فجمع الملك الظاهر غازي صاحب حلب عساكره، واستنجد غيره من الملوك وجمع كثيرًا من الفارس والراجل، وسار عن حلب نحو بلد ابن لاون، وقد نزل المذكور من طرف بلاده مما يلى بلد حلب، وليس إليه طريق لأن جميع بلاده لا طريق إليها، إلا من جبال وعرة، ومضايق صعبة، والطريق متعذر، فنزل الظاهر على خمسة فراسخ من حلب، وجعل على مقدمته جماعة من عسكره مع أمير كبير من مماليك أبيه يعرف بميمون القصري، وأنفذ ميرة وسلاحا إلى حصن له مجاور لبلاد ابن لاون اسمه دربساك، وأنفذ إلى ميمون ليرسل طائفة من العسكر الذين عنده إلى طريق هذه الذخيرة ليسيروا معها إلى دربساك، ففعل ذلك وسير جماعة كثيرة من عسكره وبقي في قلة، فبلغ الخبر ابن لاون فجد نحوه، فوافاه وهو مخف في العسكر فاشتد القتال بينهم، فأرسل ميمون إلى الظاهر يعرفه وكان بعيدًا عنه فطالت الحرب بينهم، وحمى ميمون نفسه وأثقاله على قلة من المسلمين وكثرة من الأرمن، فانهزم المسلمون ونال العدو منهم ونالوا من العدو، وعاد العدو إلى بلادهم واعتصموا بجبالهم وحصونهم.


(١) نقل العيني هذا الخبر من الكامل، ج ١٠، ص ٣١٩.
(٢) زَنْكان = زَنْجان: بلد كبير مشهور من نواحي الجبال، بين أذربيجان وبينها. وهي قريبة من أَبْهَر وقزوين. والعجم يقولون: زنكان. معجم البلدان، ج ٢، ص ٩٤٨؛ بلدان الخلافة الشرقية، ص ٢٥٩.
(٣) نقل العيني هذا الخبر بتصرف من الكامل، ج ١٠، ص ٣١٩ - ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>