للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة الحادية والثمانين بعد الخمسمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة هو الناصر لدين الله، والسلطان صلاح الدين مخيم بظاهر حماة، وكان بلغه في أواخر السنة الماضية أن صاحب الموصل نازل إربل، فبعث صاحبها يستصرخ بالسلطان، فركب من فوره إليه في جنوده وعساكره، فسار إلى بعلبك، ثم إلى حمص، ثم إلى حماة، فأقام بها أيامًا ثم سار إلى حلب وتلقاه أخوه العادل، واجتمعت إليه العساكر فخرج منها في صفر لقصد الموصل، فقطع الفرات من البيرة، وجاء إلى حران، فقبض على صاحبها مظفر الدين [كوكبرى] (١) بن زين الدين، وهو أخو زين الدين [يوسف] (٢) صاحب إربل. وكان وصول السلطان إلى حران في الثاني والعشرين من صفر، وكان أمر لسيف الدين المشطوب (٣) أن يسير في مقدمة العسكر إلى رأس عين، وكان قَبضُه على صاحب حران في السادس والعشرين من صفر، وذلك لشيء كان جرى منه وحديث كان بلّغه عنه رسوله، فأنكر عليه وأخذ منه قلعة حران والرُها، ثم اعتقله تأديبًا له إلى مستهل ربيع الأول، ثم أخرجه وخلع عليه وطيب قلبه، وأعاد عليه قلعة حران وبلاده التي كانت بيده، ولم يتخلف له سوى قلعة الرها ووعده بها. (٤)

وفي تاريخ ابن العميد: وكان صاحب حران مظفر الدين قد بذل خطه بخمسين ألف دينار يوم وصول السلطان إلى حران، فلم ير السلطان لذلك أثرًا فغضب عليه وقبض عليه واعتقله. ثم سار السلطان من حران في ثاني ربيع الأول إلى رأس عين، ووصل إليه في ذلك [اليوم] (٥) رسول قليج أرسلان صاحب الروم يخبره بأن ملوك الشرق بأسرهم قد اتفقت كلمتهم على قصد السلطان إن لم يَعد [١٨] عن الموصل وماردين، وأنهم على


(*) يوافق أولها ٤ إبريل ١١٨٥ م.
(١) ما بين الحاصرتين إضافة من الكامل، ج ١٠، ص ١٣١؛ ابن واصل: مفرج الكروب، ج ٢، ص ١٦٥ للتوضيح.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافه من الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ١٩٨ للتوضيح.
(٣) سيف الدين المشطوب، هو على بن أحمد بن أبي الهيجاء بن عبد الله الهكاري، توفي بنايلس سنة ٥٨٨ هـ. انظر: وفيات الأعيان، ج ١، ص ١٨٢ - ص ١٨٣، الشذرات، ج ٤، ص ٢٩٤.
(٤) ورد هذا النص بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ١٣١؛ ابن العديم: زبده الحلب، ج ٣، ص ٨٠ - ص ٨١؛ ابن شداد: النوادر السلطانية، ص ٦٧ - ص ٦٨؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ١٩٨.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل. والمثبت من الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>