للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عزم ضرب المصاف معه إن أصر على ذلك. فرحل السلطان يطلب دُنَيْسر (١)، فوصلها يوم السبت الثامن من ربيع الأول، وجاء إليه عماد الدين بن قرا أرسلان ومعه عسكر نور الدين صاحب ماردين، فالتقاهم السلطان وأكرمهم. (٢)

وقال ابن كثير (٣): فتلقاه الملوك من كل ناحية، وجاء إليه عماد الدين أبو بكر بن قرا أرسلان صاحب بلاد بكر وآمد، ثم بلغه موت أخيه ابن قرا أرسلان، فطلب دستورًا ليأخذ مملكته فأعطاء. ثم سار السلطان فنزل على الإسماعيليات قريبًا من الموصل، وذلك يوم الثلاثاء الحادي عشر من ربيع الأول، وكان يصل من العسكر كل يوم نوبة جريدة تحاصر الموصل، وجاء إليه هناك صاحب إربل زين الدين. وأرسل السلطان ضياء الدين بن كمال الدين الشهرزوري (٤) إلى الخليفة، يعلمه بما عزم عليه من حصار الموصل، وإنما مقصوده ردّهم إلى طاعة الخليفة (٥) ونصرة الإسلام. ثم سار السلطان ونزل على الموصل وهو نزوله الثاني عليها، فحاصرها وكان القتال يعمل كل يوم، ويخرج المواصلة إليه غزاة يقاتلون. وأرسل عز الدين مسعود صاحب الموصل والدته وابنة عمه نور الدين محمود بن زنكي، وغيرهما من النساء الأتابكيات وجماعه معهن، يطلبون منه ترك الموصل وما بأيديهم، فردّهم خائبين. واستقبح الناس ذلك من صلاح الدين لاسيما وفيهن بنت نور الدين، وضايق على أهل الموصل. فبينما هم في ذلك إذ بلغه وفاة شاهر من صاحب خلاط، وجاءته كتب مقدميها يطلبونه، فشاور الأمراء، فأشاروا عليه بقصد أخلاط لما رأوا أنهم لا طمع لهم في الموصل وقالوا: ما يفوت الموصل. فسار إلى خلاط وفي مقدمته ناصر الدين محمد بن شيركوه، وتقي الدين عمر، فوصلوا ميافارقين وبها بَرُنقش (٦) مملوك صاحب آمد، فامتنع عليهم، وقال: أنا وصى يتامي أستاذي قطب الدين، وبعد هذا، فالأمر للخاتون والدتهم. فأرسل إليها صلاح الدين


(١) "دُنُيْسِر" بلدة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب مَاردين، ولها اسم آخر يقال لها "قوج حصارة" انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٦١٢.
(٢) ورد هذا الحدث في النوادر السلطانية، ص ٦٨؛ الروضتين، ج ٢ ق ١ ص ١٩٩.
(٣) البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٣٧ طبعة بيروت.
(٤) هو القاسم بن يحيى بن عبد الله الشهرزوري، توفي سنة ٥٩٩ هـ، انظر: وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٢٤٤ - ص ٢٤٥.
(٥) الإمام" كذا في الأصل. والمثبت من البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٣٧ حيث ينقل العيني عنه.
(٦) "برنقش" في الكامل، ج ١٠، ص ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>