للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر قصد التتار بلاد الإسلام]

وفي هذه السنة وصلت مقدمة التتار إلى تخوم أذربيجان، ورحل جلال الدين من تبريز إلى موقان (١)، وكان قد جرد جماعة بهلوانية (٢) ليكشفوا خبر التتار في العراق، فلما وصلوا إلى مرج [شروان] (٣) بين زنجان وأبهر (٤) صادم يزك (٥) التتار، وكان مقدمهم قد تقدم في أربعة عشر نفسًا، فلم ينج غيره، فعاد مقدم البهلوانية بهذا الخبر بعد عود جلال الدين من الروم مهزوما، قبل رمّ الشعث من جيشه، فرحل من تبريز إلى موقان، إذ كانت عساكره بها متفرقة، وكان قد استشعر زوال الملك من يده، فكان إذا خلا تنحدر الدموع على خديه لذلك، ولما سار إلى موقان عاجله التتار، وكتب إلى نائبه شرف الملك بأردويل (٦) [١٢١] وإلى تكين باش بقلعة فيروز (٧) أباذ بأنَّا قد وجَّهنا الأمير يُغان سنقر شحنة (٨) خراسان، والأمير أرسمان بهلوان شحنة مازندران، يزكا يكشفان لنا أخبار التتار، وقد أمرناهما أن يُرتبا خيلًا بأردويل، وخيلا بفيروز أباد، ويَقُوما بها ويزيحا عِلَلَها، وانفصل المذكوران إلى حيث وجَّههما، وكبس التتار السلطان على غرَّة منه، واتكالٍ على يزكه، وذلك أنه لما انفصل البهلوانية في جميع العساكر اشتغل بالصيد، وهو إذ ذاك في قُلٍّ من العسكر نحو ألف فارس من خواصه، فنزل بقرب شِيركبُوت، وهي قلعة بنيت على تل بموقان يحيط بها خندق بعيد الغور، متسع العرض، ينبع الماء منه فيفيض فيسقى البلد، لا يُعبر إليها إلا بجسر يُرفع عند الاستغناء عنه، وكانت قد خربت في مبدأ خروج التتار، فعمَّرها شرف الملك، وكان السلطان قد سيرَّ دكجك نوين


(١) موقان: ولاية فيها قرى ومروج كثيرة، أكثر أهلها من التركمان للرعي، وهي بأذربيجان.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٤٨٦.
(٢) بهلوانية: البهلوان في اللغة الفارسية الشجاع الجري والمقصود من السياق الفرسان الأقوياء.
انظر: تكملة المعاجم العربية، ج ٤، ص ٤٦٨.
(٣) ما بين حاصرتين إضافة من سيرة منكبرتي، ص ٣٥٠، للتوضيح.
(٤) أبهر: مدينة مشهورة بين قزوين وزنجان وهمذان من نواحي الجبل.
انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ١٠٤.
(٥) "راء وأيزك" كذا في الأصل، وهما كلمتان ليس لهما معنى، والمثبت من سيرة منكبرتي، ص ٣٥٠.
(٦) اردويل: من أشهر مدن أذربيجان، بينها وبين تبريز سبعة أيام، ويقال لها أيضا أردبيل.
انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ١٦٧.
(٧) قلعة فيروز آباد: قلعة حصينة من أعمال أذربيجان، بينها وبين خلخال فرسخ واحد، وهي موضع بظاهر هراة.
انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٩٢٨.
(٨) شحنة: وظيفة يسمى متوليها صاحب الشحنة، وهو رئيس الشرطة، والموكل بالأمن في بلد من البلاد.
انظر: مصطلحات صبح الأعشى، ج ١٥، ص ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>