للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلحدار (١) من خلاط عند حصارها إلى خوارزم يكشف له أخبار التتار، فكبس المذكور طائفة منهم ببعض تُخومها، فقتل أكثرهم، وأحضر البعض معه إلى خلاط، وكان فيمن حضر شخص تترى أبقى السلطان جلال الدين عليه وحده فلم يقتله، فلما نزل جلال الدين حذاء قلعة شيركبوت أمر بالقبض عليه احترازًا من أن يقفز إليهم في ذلك الوقت فَيُعْلمُهِم بحاله وتفرق عسكره، فقُيد وسُلِّم إلى والي قلعة خوارزم، وكبس التتار جلال الدين ليلًا فلم يُصبح له أثر، وكانت الخيام مضروبةً، والحال على حاله ليس فيه أحد من الناس، وسار التتار إلى كنجة، وعذبوا أهلها وقتلوا منهم جماعةً، فظهر لهم السلطان فهربوا منه، وأوهمهم أنه قطع النهر صوب كنجة، وعطف إلى أذربيجان، فأكرمه عز الدين صاحب قلعة شاهق (٢)، ولما انقضى الشتاء أخبره بأن التتار قاصدون العود إليه، وأشار عليه بالعود إلى أرَّان، وفَرَّق السلطان حُرَمَه في قلاع حسام الدين قليج أرسلان، وجعل بعضهم في قلعة مُسك (٣) سَوارح (٤).

وفيها سير جلال الدين خوارزم شاه مجير الدين يعقوب [١٢٢] بن الملك العادل إلى أخيه الملك الأشرف مظفر الدين موسى، وكان قد استصحبه (٥) معه من خلاط ليؤانِسه، وكان صحبته لما توجه من تبريز إلى موقان، فلما اتفقت كبسة التتار أشار عليه أصحابه بأن يرسل إلى الملك الأشرف موسى ويُعرفه بأمر التتار، وأنهم لا يردُّهم إلا اجتماع الكلمة، واتفاق الأمة، ولما جرى على السلطان ما ذكرناه من كبسة التتار كاتب شرف الملك الوزير الأمراء والملوك، ووعدهم أن يخطب لهم بتلك البلاد، وكتب في حق السلطان بأنه الظالم المخذول، وثار عوام تبريز وقتلوا من بها من الخوارزمية، وسلموها للتتار كغيرها من البلاد، ولما سمع شرف الملك بقرب السلطان حضر ومعه


(١) السلحدار: لفظ مركب من كلمتين إحداهما عربية ومعناها آلة القتال، والثانية فارسية ومعناها ممسك، هو الرجل المنوط بحمل سلاح السلطان أو الأمير الذي في خدمته، ومن وظائفه الأخرى الإشراف على السلاح خاناه وما هو من توابع ذلك.
انظر: مصطلحات صبح الأعشى، ج ١٥، ص ١٨٢.
(٢) قلعة شاهق: تقع في جزيرة وسط بحيرة أذربيجان، كانت بمثابة مخزن للذخيرة.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢٦٤.
(٣) اورد جلال الدين منكبرتي في سيرته أنها "قلعة سند سوارخ" وهي مغارة على شقيف عال وفيها عين ماء تدير الرحى تحتها. انظر: سيرة منكبرتي ص ٣٥٧.
(٤) لمعرفة المزيد عن هذه الأحداث. أنظر: سيرة منكبرتي، ص ٣٥٠ - ٣٥٤، ص ٣٥٦ - ٣٥٧.
(٥) "استصحب" كذا في الأصل، والصحيح لغة ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>