للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفنُ، وأظهر الندم على ما فعل، فأخذه السلطان وحبسه في قلعة جاربرد (١) وقتله بعد شهرٍ، وأما أهل كنجة فإنهم قتلوا من بها من الخوارزمية وظاهروا بالفساد، وملك زمامهم شخص يعرف يَبَيْدار (٢) مقدمهم، وأطاعه الأوباش، فبسط يده في المصادرات، وسير جلال الدين إليهم يدعوهم إلى الطاعة، ويحذرهم عواقب المخالفة، فلم يسمعوا ولم يُطِيعوا، وترددت الرسل في بذل الأمان والوعد والإحسان، فلم يقبلوا وخرجوا إلى خيمة السلطان فرموها بالنشاب، فأمر السلطان من معه أن يرموهم، فرموا منهم خلقًا كثيرًا، ودخل معهم المدينة، وطلب مثيرى هذه الفتنة، فعينوا منهم ثلاثين نفسًا، وأقام السلطان بكنجة سبعة عشر يومًا، واتفق الأمراء معه على استنجاده بالأشرف، وبلغ ذلك الأشرف فكان ذلك باعثا له على مسيره إلى مصر كما ذكرناه، ثم كتب إلى جلال الدين بأنَّا واصلون إلى خدمة السلطان، وأقامت رسل جلال الدين بدمشق في انتظار ما وعد به الأشرف من إنجاده، منتظرين ما يعتمده من تجهيز جيوشه وأجناده، فلما طال عليهم الأمد أرسل مختص الدين أكبر رسله الموجهين إلى الأشرف يقطع رجاه من إنجاده ويؤيسه من رجوعه عن مصر إلا بعد انفصال أمر السلطان مع التتار، وقال: فلينظر السلطان في شغله غير منتظر جواب رسله، فعند ذلك جهز [١٢٣] جلال الدين رسولًا إلى المظفر شهاب الدين غازي بن الملك العادل يستحضره بنفسه وعسكره، ومن حوله من الملوك، مثل صاحبي آمد وماردين، على أنهم إذا حضروا أغنوا عن حضور الأشرف، وقال للرسول: قل للملك الأشرف هلم إليَّ مساعدًا، وفي حادثة التتار معاضدا، فإنني متى نصرني الله جل ذكره عليهم ملَّكتك بلاد خلاط ونواحيها. وإنما قال ذلك لأجل حضور الأمراء والخانات المشيرين عليه بالإرسال إليه، ولما خلا المجلس منهم، قال: نحن مانشك في أن هؤلاء لا ينجدوننا ولا يختارون ظهورنا ولا ينفع شكوانا إليهم، غير أن هؤلاء الترك من الأمراء يُطَمّعون أنفسهم بما لا يكون. ثم عزم على المسير إلى أصفهان (٣).


(١) جاربرد: إحدى القلاع المضافة لأرَّان.
انظر: سيرة منكبوتي، ص ٣٦٤.
(٢) "بندار" كذا في مسيرة منكبرتي، ص ٣٦٩.
(٣) لمعرفة المزيد عن هذه الأحداث.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ٣٥٥، ص ٣٥٧ - ص ٣٦٤، ص ٣٦٤، ص ٣٦٩ - ص ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>