للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصافا، فقتل منهم سبعين ألفا، وفتح تفليس عنوة، وقتل منها ثلاثين ألفا فصاروا مائة ألف، وذلك في سلخ ذي الحجة (١).

[ذكر الحرب الواقعة بين المسلمين والكرج]

وفي هذه السنة اتفقت الحرب بين المسلمين والكرج وذلك [١٨] أن شروان شاه رشيد صاحب الدربند (٢) كان سن السيرة، كثير الفساد والظلم لرعيته، فاشتدت وطأته عليهم، فاتفق بعض العسكر مع ولده عليه، فأخرجوه من البلاد، وملكوا ولده أغا، فأحسن السيرة فأحبته العساكر والرعية، وأرسل إلى والده يقول له: المصلحة أنك تكون في بعض القلاع، وأجرى لك ما يقوم بك. فلما سمع رسالة ابنه سار إلى الكرج، واستنصر بهم، وطلب منهم أن يسيروا معه عسكرا إعانه له على استبعاده البلاد إلى نفسه من ولده، فسيروا معه عسكرًا كثيرا، فسار بهم وسار ابنه إليه في عسكره، وكانوا نحو ألف فارس، ولقي أباه والكرج وهم نحو ثلاثة آلاف فارس، واقتتلوا قتالا شديدًا فانهزمت الكرج، وقتل منهم وأسر خلق كثير، وعادوا بأسوأ حال، وقالوا لشروان شاه المخلوع: إنا لم نلق بسببك خيرا، فلا تقم ببلادنا. ففارق بلادهم وبقى مترددا لا يأوي إلى أحد، واستقر ولده في الملك، ورد إلى الرعية ما اغتصبه أبوه من أملاكهم، وما أخذ منهم (٣).

وفيها سار جمع من الكرج (٤) من تفليس يقصدون بلاد أذربيجان، وهي بيد مظفر الدين أزبك بن البهلوان، ونزلوا وراء مضيق في الجبال لا يسلكه إلا الفارس بعد الفارس، فأقاموا به آمنين من المسلمين اغترارا بحصانته، وأنه لا طريق إليهم، فركبت طائفة من العساكر الإسلامية وقصد وهم في ذلك المضيق، فلم يشعروا إلا وقد كبسهم المسلمون، وبذلوا فيهم السيف فقتلوهم كيف شاءوا، وولي الباقون منهزمين، فعظم ذلك على الكرج، وعزموا على قصد أذربيجان للأخذ بثأرهم، وبينما هم كذلك إذ وصل


(١) إلى هنا توقف العيني عن النقل من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤١٧ - ص ٤١٨؛ وانظر أيضا الذيل على الروضتين، ص ١٤٤.
(٢) دريند: في باب الأبواب، وهي مدينة على الشاطئ الغربي لبحر قزوين قبالة تفليس وتسمى أحيانا بباب الحديد، وهي كلمة فارسية معناها في الأصل سنبلة من حديد، يقفل بها باب الدكان وتستعمل أيضًا بمعنى المضايق والطرقات.
معجم البلدان، ج ١، ص ٤٣٧ - ص ٤٤٢، ج ٤، ص ٥٦٤.
(٣) الكامل، ج ١٢، ص ٤٣٠ - ص ٤٣١؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٤٦ - ص ١٤٧.
(٤) في الأصل: "الكرد" والصحيح ما أثبتناه. الكامل، ج ١٢، ص ٤٣١؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>