للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم الخبر بوصول السلطان جلال الدين خوارزم شاه إلى مراغة، فراسلوا أزبك بن البهلوان يدعونه إلى الصلح والاتفاق معهم على رد جلال الدين، فعاجلهم جلال الدين قبل اتفاقهم ووصل إلى مراغة فملكها (١).

وأتاه الخبر أن [١٩] يغان طايسي وهو خال غياث الدين تترشاه وزوج أخت جلال الدين سار إلى همدان ومعه من العساكر نحو خمسة آلاف فارس، ليملكها ويستولى على عراق العجم، وكان سبب قصده هذه الناحية أن الخليفة الإمام الناصر لدين الله كتب إليه يطمعه فيها ويقطعه إياها، فسار إلى تلك الناحية ليستولى عليها، ولما بلغ ذلك السلطان جلال الدين سار إليه جريدة (٢)، فوصل إليه ليلًا فأحاط به وبما غنمه من أذربيجان وأران من خيل وبغال وبقر وغنم، فلما أصبح يغان طايسي ورأى العسكر والجتر (٣) الذي يكون على رأس جلال الدين علم أنه هو، فسقط في يده، فأرسل زوجته وهي أخت السلطان إليه؛ يطلب منه الأمان، فأمنه وأحضره عنده، وانضاف عسكره إلى عسكر جلال الدين، وبقي وحده، فأضاف إليه جلال الدين عسكرًا غير عسكره، وعاد إلى مراغة، وأعجبه المقام بها، وكان أزبك صاحب أذربيجان قد سار من تبريز إلى كنجة خوفا من جلال الدين، فسار جلال الدين إلى تبريز وحصرها وقاتل أهلها قتالا شديدا وزحف عليها، فأذعن أهلها بالطاعة وطلبوا من جلال الدين الأمان، فذكر لهم فعلهم بالخوارزمية وقتلهم إياهم، فاعتذروا بأنهم لم يفعلوا شيئًا من ذلك، وإنما فعله صاحبهم أزبك بن البهلوان، ولم يكن لهم قدرة على منعه من ذلك، فقبل عذرهم وأمنهم، وأمن زوجة أزبك وهي بنت السلطان طغريل على نفسها ومالها من البلاد، وملك مدينة تبريز وسير زوجة أزبك إلى خوى، وحضر الجامع بتبريز يوم الجمعة، فلما خطب الخطيب ودعا للخليفة الإمام الناصر لدين الله، قام السلطان قائما حتى فرغ من الدعاء وجلس (٤).


(١) وردت هذه الأحداث في الكامل، ج ١٢، ص ٤٣١؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٤٧ - ص ١٤٨.
(٢) جريدة: الفرقة من العسكر الخيالة لا رجالة فيها، ويقصد بها في كثير من الأحيان سير السلطان على وجه السرعة دون أن يأخذ معه أثقالا أو حشدا.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢١٣، حاشية (٦)؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ٢٣٢، حاشية (٢).
(٣) الجتر: عبارة عن مظلة أو قبة من حرير أصفر مزركش بالذهب على أعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب، وعرف الجتر في مصر زمن الفاطميين واستخدم أيضا من الأيوبيين والمماليك حيث كان يحمل على رأس السلطان في العيدين. مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٤٩، حاشية (١).
(٤) انظر الكامل، ج ١٢، ص ٤٣٢ - ص ٤٣٤؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>