للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو شامة: ومن عجيب ما بلغني أنه لما كان الملك العادل فتح يافا بالسيف كان في قلعتها من الخيالة أربعون فارسًا من الفرنج العرب البحرية، فلما تحققوا نقب القلعة وأخذها دخلوا إلى كنيستها وأغلقوا عليهم بابها، وتجالدوا بسيوفهم بعضهم لبعض إلى أن هلكوا جميعًا وكسر المسلمون الباب وهم يرون أن الفرنج ممتنعون فوجدوهم قتلى عن آخرهم، فعجبوا من حالهم. (١)

ذكر تسَحُّب أبي الهيجاء إلى بغداد

وفي هذه السنة تسحب أبو الهيجاء السمين إلى بغداد، وكان من أمراء مصر المشهورين، وكان من جملة إقطاعه القدس وغيره مما يجاوره، فلما ملك العزيز والعادل أخذا القدس منه كما ذكرنا، فتوجه إلى بغداد فأكرم الخليفة الناصر مثواه فأمره بالمسير إلى همدان مقدمًا على الجيوش البغدادية، فلما وصلها حضر إليه أزبك بن البهلوان صاحبها وأمير علم [وابنه] (٢) وابن سطمش وغيرهم، وكانوا قد كاتبوا الخليفة بالطاعة، فلما اجتمعوا بأبي الهيجاء ووثقوا إليه ولم يحذروه قبض على أزبك بن البهلوان وابن سطمش وابن قرا بموافقة أمير علم، فلما وصل الخبر بذلك إلى بغداد أنكرت هذه الحال على أبي الهيجاء وأمر بالإفراج عن الجماعة، وسيرت لهم الخلع من بغداد تطييبًا لقلوبهم، فلم يسكنوا لهذه الحادثة ولا أمنوا بعدها، ففارقوا أبا الهيجاء فخاف الديوان فلم يرجع إليه ولم يمكنه المقام فعاد يريد إربل فمات قبل أن يصل إليها (٣). وفي المرأة (٤): وفي هذه السنة قدم حسام الدين أبو الهيجاء السمين بغداد وخرج الموكب للقائه في زي عظيم، ورتب الأطلاب على ترتيب الشام وكان في خدمته عدة من الأمراء، وكان معه ولدا أخيه عز الدين كر والغرز (٥)، وأول ما تقدم طلب كر ثم الغرز ثم أمير أمير، وجاء هو بعد الكل في العُدد الكامل والسلاح التام، وخرج جميع من ببغداد للقائه، وكان رأسه صغيرًا وبطنه كبيرًا جدًا بحيث كان على رقبة البغلة وكان قد رآه عند الحربية رجل كواز فعمل في ساعة كوزًا من طين وسبقه فعلقه في السوق، فلما اجتاز به ضحك وعمل أهل


(١) لم يرد هذا التعقيبة في الروضتين، جـ ٢، ص ٢٣٢ - ص ٢٣٣؛ ورد بتصرف في الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٥ - ص ٢٤٦.
(٢) ما بين حاصرتين إضافة من الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٥.
(٣) ورد هذا الخبر بتصرف في الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٥.
(٤) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٠.
(٥) "العرس" في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>