للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثرهم من جهة ملك الألمان وكان المقدم عليهم قسًا يعرف بالحصكير (١)، فلما سمع العادل أرسل إلى العزيز بمصر يطلب [العساكر، وأرسل إلى ديار الجزيرة والموصل يطلب العساكر] (٢) أيضا، فجاءه الأمراء، واجتمعوا على عين جالوت، فأقاموا شهر رمضان وبعض شوال، ودخلوا إلى يافا وملكوا المدينة، وامتنع من بها بالقلعة التي لها، فخرب المسلمون القلعة وملكوها عنوة بالسيف، وأُخذ كل ما بها (٣) غنيمة وأسرًا وسبيًا، ووصل الفرنج من عكا إلى قيسارية ليمنعوا المسلمين عن يافا فوصلهم الخبر بأن المسلمين ملكوها ثم سار المسلمون إلى عين جالوت، فوصل الخبر أن الإفرنج على قصد بيروت، فرحل العادل والعسكر في ذي القعدة إلى مرج العيون وعزم على تخريب بيروت، فسير إليها جمعًا من العسكر وهدموا سور المدينة وشرعوا في تخريب دورها وتخريب القلعة، فمنعهم أسامة من ذلك وتكفل بحفظها، ورحل الفرنج من عكا إلى صيدا، وعاد عسكر المسلمين عن بيروت فلقوا الفرنج بنواحي صيدا، وتقابلوا فقتل منهم جماعة وحجز بينهم الليل، فوصلوا إلى بيروت فلما قاربوها هرب منها أسامة ومن معه من المسلمين فملكوها عفوًا صفوًا بغير حرب ولا قتال، فكانت غنيمة باردة، فأرسل العادل إلى صيدا من خرب ما كان بقي منها، فإن صلاح الدين كان قد خرب أكثرها وسافرت العساكر الإسلامية إلى صور فقطعوا أشجارها وخربوا مالها من قرى وأبراج، فلما سمع الفرنج بذلك رحلوا عن بيروت إلى صور وأقاموا عليها ونزل المسلمون عند قلعة هونين، وأذن العادل للعساكر الشرقية في العود إلى بلادهم ظنًا منه أن الإفرنج يقيمون ببلادهم، وأراد أن يعطى العساكر المصرية دستورًا فأتاه الخبر أن الإفرنج يريدون يحصرون حصن تبنين، فسير إليه عسكرًا يحمونه ويمنعون عنه، ورحل الفرنج من صور ونازلوا تبنين (٤)، ولما أخذت الفرنج بيروت من يد صاحبها عز الدين سأمه من غير قتال ولا نزال، قال بعض الشعراء في الأمير سامه:

سلم الحصن ما عليك ملامة … ما يلام الذي يروم السلامة

إن أخذ الحصون (٥) من غير حرب … سنة سنها بيروت سامة


(١) "خنصلير" كذا في الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٦، وقد أبقينا على ما ذكره العيني.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل. والمثبت من الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٦.
(٣) "كلما" كذا في الأصل والتصحيح من الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٦.
(٤) نقل العينى هذا الحدث بتصرف من الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٥ - ص ٢٤٧.
(٥) ورد هذا الشعر في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩١ - ولكن ورد مختلفا في الروضتين، جـ ٢، ص ٢٣٣؛ والبداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>