للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر وُصُول خبر ملك الأَلمان لعنه الله

وفي رمضان من هذه السنة وصل من حلب كتب من ولده الملك الظاهر غازي (١)، يخبر فيها أنه قد صح أن ملك الألمان قد خرج إلى القسطنطينية في عدّة عظيمة، قيل: مائتا ألف، وقيل: مائتان وستون ألفا، يريدون البلاد الإسلامية (٢) وقيل: أنهم في ثلثمائة ألف مقاتل، وفيهم ستون ألف فارس مدرع مقنع، وجاءت كتب أيضا من صاحب قلعة الروم مقدّم الأرمن، يبدى نصيحة وإشفاقا وتخوفا على البلاد، واحتراما، ويقطع أن الواصلين في كثرة، وأن الناهضين إلى طريقهم في عثرة، وأبرق في كتبه وأرعد، وأبدع بخطابه [٧٥] وأبعد (٣). ولا شك أنه إلى جنسه النجس مائل، وبملاءة أهل ملته قائل.

ولما وصل هذا الخبر كاد الناس يضطربون على أنهم يصدقون أو يكذبون، واشتد ذلك على السلطان وعظم عليه، ورأى استنفار الناس للجهاد، وإعلام الخليفة بذلك.

قال قاضي القضاه بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم صاحب النوادر: استندبنى السلطان لذلك، وأمرني بالمسير إلى صاحب سنجار، وصاحب الجزيرة، وصاحب الموصل، وصاحب إربل، واستدعائهم إلى الجهاد بأنفسهم وعساكرهم. وأمرني بالمسير إلى بغداد الإعلام الخليفة الناصر لدين الله. قال: وكان مسيري في الحادي عشر من رمضان من هذه السنة، ويسّر الله الوصول إلى الجماعة المذكورين، فأجابوا. وسار عماد الدين زنكي -صاحب سنجار- بعسكره وجمعه في تلك السنة (٤). وسار ابن أخيه - سنجر شاه -صاحب الجزيرة- بنفسه يجرّ عسكره. وسير صاحب الموصل عز الدين ابنه علاء الدين خُرّم شاه بمعظم عسكره، وسار صاحب إربل بنفسه وعسكره، قال: وحضرت الديوان [العزيز] (٥) ببغداد، وأعلمت الخليفة بذلك، ووعد بكل جميل، ثم عدت إلى خدمة السلطان، وكان وصولي (٦) إليه يوم الخميس خامس


(١) هو: الملك الظاهر غياث الدين غازي بن السلطان الناصر صلاح الدين يوسف الأيوبي وكان نائبًا لأبيه في حلب. الروضتين، جـ ٢، ص ٢٢٥.
(٢) النوادر السلطانية، ص ١١٥.
(٣) الفتح القسي، ص ٣٣١.
(٤) عماد الدين زنكي بن مودود الذي ولي سنجار في الفترة من ٥٦٦ هـ - ٥٩٤ هـ/ ١١٧٠ - ١١٩٧ م. أحمد السعيد سليمان، تاريخ الدول الإسلامية، ص ٣٤٧.
(٥) "الديوان السعيد" كذا في العيني والمثبت من النوادر السلطانية، ص ١١٥؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٠٥؛ نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٢١؛ الفتح القسي، ص ٣٣٢ - ص ٣٣٧.
(٦) يعود الضمير هنا على ابن شداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>