للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كان باسُك للأسود لما احتمت … من خوف باسُك بالعرين أُسُود

فتملَّ منِّي كل بكر طائرُ … المعنى لها أنَّي شذا غريدُ

شعر يصوغُ ثناك في أثنائه … عبقًا وخُفَّاق النسيم ركُود

يُكسى على مرِّ الزمان طلاوة … وتُمزّق الأيام وهو جديد

درِّ تنظّم من عُلاك فريدهُ … فَمِن العجايب أن يقال قصيدُ

لا تحسبنَّ لك في الكمال مشاركة … ما عن صِفاتك للكمال مَجيدُ

قال بيبرس: وفيها شرع الأفضل في تجريد العساكر إلى القدس الشريف مع الظافر أخيه، واجتمع جهاركس بميمون القصري وأسامة، ثم كتبوا إلى الأفضل كتابًا مضمونُه؛ إنا مجتمعون على طاعة ولد الملك العزيز، وإن استقر الملك العادل كنا في طاعته، وأما أنت فقد غررت بنفسك، فلا تطمع في ملك مصر؛ وأكثروا من هذا الخطاب ومثله.

وفيها وصل إلى الأفضل رسول أخيه الظاهر صاحب حلب، ورسل ابن عمه أسد الدين شيركوه بن محمد بن شيركوه صاحب حمص يحثانه على الخروج إلى دمشق ليغتنم الفرصة بغيبة العادل عنها، فإن العادل قد سار لحصار ماردين، فخرج الأفضل على عزم المسير إلى دمشق وتعوق بظاهر القاهرة وتثبط في مسيرة، ولو بادر وعجل المسير لريما كان قد ملكها لكنه تأخر، ولما وصل نزل عند جسر الخشب على فرسخ ونصف من دمشق، وكان نواب العادل قد أرسلوا إليه يخبرونه قصد الأفضل لهم، ففارق ماردين وخلف ولده الكامل عليها، وحضر جريدة فسبق الأفضل ودخل دمشق قبل وصوله بيومين، وأما الأفضل فإنه تقدم إلى دمشق من الغد وهو رابع عشر شعبان، فاجتمع الأمير مجد الدين أخو الفقيه عيسى الهكاري ببعض الأجناد الذين على أحد الأبواب، واتفقوا معه على أنهم يفتحونه له وهو الباب الذي يسمى باب السلامة (١) ففتحوه، ودخل مجد الدين وبعض من معه إلى المدينة، فلما رآهم العامة والجند استسلموا ونزلوا عن الأسوار (٢).


(١) باب السلامة: سمي بهذا الاسم تفاؤلًا لأنه لا يتهيأ القتال على البلد من ناحيته لما دونه من الأنهار والأشجار. انظر ابن شداد، تاريخ مدينة دمشق، ص ٣٥.
(٢) ورد هذا الحدث بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ٢٥٧ - ص ٢٥٨، طبع المطبعة الأزهرية؛ مفرج الكروب، ج ٣، ص ٩٢ - ٩٦؛ نهاية الأرب، ج ٢٨، ص ٤٥٨ - ٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>