سوى الخليفة، فإذا فرغ من الدعاء بعد القراءة قال: يا حمّاد، فيقول: لبيك، فيقول: اضرب الطبل، فيدق الكوسات، وتحمل العساكر وهاتان الخصلتان لا يشارك الخليفة فيهما أحد الرعاء، وقوله يا حمّاد اضرب الطبل. فلما كان في هذا اليوم الذي التقى فيه يعقوب بألفنش، صلى الخليفة بالناس، وركب والشريف عن يمينه، ولما فرغ من قراءة السبع، التفت إلى الشريف وقال: يا شريف ادعُ، فقال: الله الله يا أمير المؤمنين، العفو، هذه وظيفة أمير المؤمنين. فقال: لابد. فما أمكنه مخالفته، خوفًا منه، فمد يديه ودعي، وعجب الناسُ، ولما فرغ من الدعاء قال له: يا شريف قل لحمّاد يضرب الطبل. فقال: العفو يا أمير المؤمنين. فقال: لا بد، فقال: يا حماد اضرب الطبل، فضرب، وحملوا. ثم التفت إلى الشريف وقال: يا شريف إن كان خطر ببالك أنك تحكم في البلاد، وأطمعك أهل فاس والجبال في هذا الأمر، أو رأيت منامًا فهو هذا الذي رأيت ما يجعل لك من الخلافة سواه، فنزل وقبل الأرض، وكسر الله عز وجل ألفنش وأقام الشريف عنده في أرغد عيش إلى أن توفي، وما ظن أحد أنه يسلم منه، فلله دَرّ هذه المكارم لو كان غير يعقوب لحل بالشريف العظائم.
ومنها ما حكاه لي أبو العباس أيضًا قال: كان ليعقوب ابن أُخت لم يكن بمراكش أحسن صورة منه، له ثمان عشرة سنة، فقدم مراكش رجل يُرقّصُ الدُبَّ ومعه امرأته، فرآها ابن أخت يعقوب فأعجبته، فأرسل إليها فأخذها، فوقف زوجها ليعقوب فقال: يا أمير المؤمنين إني رجل غريب وقد غصبني ابن أختك وأخذ زوجتي. فقال له: اتبعني. وجاء إلى قصر ابن أخته وقال للرجل قف هاهنا، ثم دخل القصر واستدعى ابن أخته وقال له: لِم أخذت زوجة هذا الرجل؟ فأنكر. فدعي بالرجل وقال له: قد أنكر. وقال: يا أمير المؤمنين لي كليبة قد ربتها المرأة تحضر كل امرأة في القصر وأحضر الكلبة فهي تعرفها من بين ألف امرأة، فإن وقفت عندها وإلا فاقتلني. فقال للرجل: اخرج، ثم قال لابن أخته: لا تبقى امرأة في القصر إلا وتخرج، فأخرج النساء وخرجت المرأة بينهن وقد غير زيها وألبسها الحلى والجواهر والثياب الفاخرة، وأطلق الكلبة فجاءت ووقفت عندها، فاستدعى الرجل وقال: خذ زوجتك بما عليها، ثم التفت إلى ابن أخته وقال: قصرك مملوء بالجواري المستحسنات وأنت تمد عينيك إلى امرأة رجل غريب جاء من بلاد بعيدة فتأخذها غصبًا. ثم قال لغلمانه: اعطوه الرماح. وهذه قِتلة المغاربة، فخرجت أمه حاسرة فبكت بين يديه وقالت: مالي غيره. فقال: لأهذِّبن ملوك الغرب وغيرهم، فقتله.