للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال، فغضب وقال: من يجد من يشتري منه مثلي؟ فتمموا له عشرة بوالس. قال: وأهدي له رجل جام زجاج من معمول حلب، فاستحسنه جنكيزخان، فوهن أمره عنده بعض خواصه، وقال: ياخواند (١) هذا زجاج لا قيمة له. فقال: أليس قد حمله من بلاد بعيدة حتى وصل إلينا سالما؟ أعطوه مائتي بالس. قال: وقيل له: إن في هذا المكان كنزًا عظيمًا، فإن (٢) فتحته أخذت منه مالا كثيرا. فقال: الذي في أيدينا يكفينا، ودع هذا يفتحه الناس ويأكلونه وهم أحق به منا، ولم يتعرض له. قال: واشتهر عن رجل في بلاده أنه يقول: أنا أعرف موضع كنز (٣) ولا أقول له إلا للخان، وألح عليه الأمراء أن يعلمهم، فلم يفعل، فذكروا ذلك للخان، فأحضره على خيل أولاق -يعني البريد- سريعا، فلما حضر إلى ما بين يديه، سأله عن الكنز، فقال: إنما كنت أقول ذلك حيلة لأرى وجهك، فلما رأى تغير كلامه غضب، وقال له: قد حصل لك ما أملت. فارجع إلى موضعك. وأمر برده سالما، ولم يعطه شيئا. قال الجويني: وهذا غريب. قال: وأهدي له إنسان رمانه، فكسرها وفرق حَبَّها على الحاضرين، ثم أمر له بعدد حبها بوالس. ثم أنشد:

فلذاك يزدحم الوفود ببابه … مثل ازدحام الحب في الرمان

قال: وقدم عليه رجل كافر، يقول: رأيت في النوم جنكيزخان وهو يقول لي: اقتل المسلمين. فقال له: هذا كذب. فأمر بقتله. قال: وأمر بقتل ثلاثة قد قضت الياساق بقتلهم، فإذا امرأة تبكي وتلطم، فقال: ما هذه؟ أحضروها. فقالت: هذا ابني، وهذا أخي، وهذا زوجي، فقال: اختاري واحدا منهم حتى أطلقه لك. فقالت: الزوج يجئ مثله، والابن كذلك، والأخ لا عوض له. فاستحسن ذلك منها، وأطلق الثلاثة لها. قال: وكان يحب المصارعين وأهل الشطارة، وقد اجتمع عنده منهم جماعة، وذكر غير ذلك من أموره (٤).


(١) خواند: وتكتب أيضا خوند، وهو لفظ تركي وفارسي وأصله خُداوند ومعناه السيد أو الأمير، ويخاطب به الذكور والإناث على السواء، والخوند في اصطلاح عشائر لبنان من كان في الرتبة دون الأمير، وفوق الشيخ أو المقدم.
انظر: محيط المحيط، مادة "خوي".
(٢) "فلين" كذا في الأصل وما أثبتناه هو الصحيح لاستقامة المعني، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ١٢٩.
(٣) "كذا" كذا في الأصل وما أثبتناه هو الصحيح لاستقامة المعنى، البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٩.
(٤) وردت هذه الأحداث في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٨ - ص ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>