للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أن في أثناء العشر الأخير (١) من رمضان، ألقت الريح بطستين فيهما رجال وصبيان ونساء وميرة عظيمة وغنم كثيرة، وكانوا قاصدين نحو العدو، فغنمها المسلمون، وكانوا قد ظفروا ببركوس (٢) للمسلمين، فيه نفقة ورجال، أرادوا الدخول إلى البلد، فأخذوه، فوقع الظفر بهاتين [البطستين] (٣) جبرًا عن ذلك.

ومنها أنه قوي عزم الإفرنج على الخروج إلى جهة المسلمين، وتغيّر مزاج السلطان بحمي صفراوية، فاقتضى الحال أن انتقلوا في عشية الاثنين تاسع رمضان من هذه السنة فنزلوا على أعلى جبل شفرعم (٤) و رؤوس التلال، للاستعداد للشتاء، والراحة والاستراحة عن الرحل.

وفي ذلك الزمان مرض زين الدين يوسف بن زين الدين -صاحب إربل- مرضا شديدا بحُمتين مختلفتين (٥)، وأستأذن في الرواح، فلم يؤذن [٩٥] له، ثم استأذن في الانتقال إلى الناصرة فأذن له في ذلك، وأقام بالناصرة أيامًا وهو مريض، فاشتد به الأمر إلى ليلة الثلاثاء الثامن والعشرين (٦) من رمضان من هذه السنة، ثم توفي إلى -رحمة الله- وعنده أخوه مظفر الدين، وحزن الناس عليه لشبابه وغربته. وأنعم السلطان على أخيه مظفر الدين ببلدة إربل، واستنزله على بلاده التي كانت في يده، وهي حران والرها وما يتبعهما من البلاد والأعمال، وضم إليه شهرزور أيضا، واستدعى الملك المظفر تقي الدين عمر ابن أخيه شاهنشاه ليكون نازلا مكانه، وأقام مظفر الدين كوكبوري بن زين الدين على بالمعسكر المنصور إلى قدوم تقي الدين، وقدم ضاحي النهار الثالث من شوال من هذه السنة، وفي صحبته مُعزّ الدين سنجرشاه بن سيف الدين غازي بن مودود


(١) "الأوسط" في النوادر السلطانية، ص ١٤٣؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٦٤؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٣٣٧.
(٢) بركوس: جمعها براكيس، وهي نوع من السفن التي كانت تستخدم في الحروب في العصور الوسطى، وهي أصغر حجما من البطسة، انظر محيط المحيط، جـ ١، ص ٨٧؛ النوادر السلطانية، ص ١٤٣، حاشية ٦؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٨٧، ابن مماتي، قوانين الدواوين ص ٣٤٠.
(٣) ما بين الحاصرتين إضافة من النوادر السلطانية، ص ١٤٤، لاستقامة النص؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٦٤؛ مفرج الكروب جـ ٢، ص ٣٣٧.
(٤) شفرعم: قرية كبيرة بينها وبين عكا بساحل الشام ثلاثة أميال وكان بها منزل صلاح الدين يوسف بن أيوب، انظر: معجم البلدان، جـ ٣، ص ٣٠٤، ص ٣٠٥.
(٥) "مختلفتي الأوقات" كذا في النوادر السلطانية، ص ١٤٤.
(٦) "الثامن عشر" في النوادر السلطانية، ص ١٤٤؛ الكامل، جـ ١٠، ص ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>