للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نور الدين] من النهب والتحريق والتخريب بولاية طرابلس، فراسله الفرنج، وبذلوا إعادة ما أخذوه من المركبين، وتجدد (١) معهم الهدنة، فأجابهم [إلى ذلك] (٢)، وكانوا في ذلك كما يقال: "اليهودي لا يعطى الجزية حتى يُلطم" (٣).

ومنها أن نور الدين أمر في هذه السنة باتخاذ الحمام الهوادي (٤)، وهي المناسيب التي تطير من البلاد البعيدة إلى أوكارها، فاتخذت في سائر بلاده. وكان سبب ذلك أنه اتسعت مملكته، وبعدت بلاده، فكانت من حد النوبة إلى باب همذان (٥)، لا يتخللها سوى بلاد الفرنج. فكان (٦) الفرنج (لعنهم الله) ربما نازلوا بعض الثغور، فإلى أن يصله الخبر ويسير إليهم، [يكونون] (٧) قد بلغوا بعض الغرض، فحينئذ أمر بذلك، وكتب به إلى سائر بلاده (٨)، وأجرى الجرايات لها، ولمرتبها، فوجد بها راحة كبيرة.

[و] (٩) كانت الأخبار تأتيه لوقتها؛ لأنه كان له في كل ثغر رجال مرتبون، ومعهم من حمام المدينة التي تجاورهم، فإذا رأوا أو سمعوا أمرًا كتبوه لوقته، وعلقوه على الطائر، وسرحوه إلى المدينة التي هو فيها في ساعته، فتنقل الرقعة منه إلى طائر آخر، من البلد الذى (١٠) يجاورهم، في الجهة التي فيها نور الدين، وهكذا إلى أن تصل الأخبار إليه، فانحفظت الثغور بذلك.

ومنها أن نور الدين أشار إلى صلاح الدين بإسقاط المكوس والضرائب عن أهل مصر والقاهرة، وقرئ المنشور بذلك على رؤوس الأشهاد، يوم الجمعة بعد الصلاة، ثالث صفر من هذه السنة، والذي اشتملت "عليه" (١١) المسامحة في السنة؛ من العين مائة


(١) "ويجدد" في الباهر، ص ١٥٥.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة من الباهر للتوضيح، ص ١٥٥.
(٣) ورد هذا الحدث بتصرف في، الكامل، جـ ١٠، ص ٣٧.
(٤) هو حمام يتخذه الملوك لحمل المكاتبات، ويقال أن أول من اعتنى به من الملوك نور الدين بن زنكي. انظر: صبح الأعشي، جـ ١٤، ص ٣٨٩ - ٣٩٢.
(٥) ورد هذا النص بتصرف في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ١٧٨.
(٦) "وكان" في الباهر، ص ١٥٩؛ الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥٢٠.
(٧) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥٢٠.
(٨) "البلاد" في الباهر، ص ١٥٩.
(٩) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥٢٠.
(١٠) "التي" في نسخة ب.
(١١) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>