للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام عند الفرضة (١) يبكي وينذر النذور، ويصلي الصلوات الخمس، ويعاهد الله بإقامة العدل إن كتب سلامته، فكبسه التتار، فركب مركبا هو وأولاده الحاضرون معه وهم: جلال الدين منكبرتي خوارزم شاه، وقطب الدين أزلاع شاه، وناصر الدين آق شاه، ولم يكن معه سواهم لأن أولاده كانوا متفرقين في الممالك، وسار في البحر فوصل إلى الجزيرة فريدًا طريدًا، لا يملك طارفا ولا تليدًا، وكان قد اعتراه مرض ذات الجنب فازداد به مرضه، وكان في أهل مازندران (٢) ناس يتقربون إليه بالمأكول والمشروب، فقال: في بعض الأيام أشتهي أن يكون عندي فرس يرعى حول خيمتي هذه، وقد ضربت له خيمة صغيرة، فأحضر إليه تاج الدين حسن أحد سرهنكينه (٣) فرسًا. هذا ما آل إليه وجرت به المقادير عليه (٤).

وفي تاريخ ابن كثير (٥): ولما ساق التتار وراء خوارزم شاه أدركوه وبينه وبينهم نهر جيحون، وهو آمن بسببه، فلم يجدوا سفنًا، فعملوا لهم أحواضا يحملون عليها الأسلحة، ويرسل أحدهم فرسه ويأخذ بذنبه، فيجره الفرس في الماء، وهو يجر الحوض الذي فيه سلاحه حتى صاروا كلهم في الجانب الآخر، فلم يشعر بهم خوارزم شاه إلا وقد خالطوه، فهرب منهم إلى نيسابور (٦)، ثم منها إلى غيرها، وهم في أثره لا يمهلونه يجمع لهم، (٧) فصار كلما أتى بلدًا ليجتمع فيه عساكره يدركونه فيهرب منهم، حتى ركب في بحر طبرستان، وسار إلى قلعة في جزيرة فيه، فكانت وفاته فيها. وقيل: إنه لا يعرف بعد ركوبه في البحر ما كان من أمره بل ذهب فلا يدرى أين ذهب (٨).


(١) الفرضة: هي الثغر أو الميناء، سيرة منكبرتي، ص ١٠٦، حاشية ٣.
(٢) مازندران: اسم لولاية طبرستان. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٣٩٢.
(٣) سرهنكيته: أي أحد قواده. سيرة منكبرتي، ص ١٠٧، حاشية ١.
(٤) وردت هذه الأحداث بتصرف في سيرة منكبرتي، ص ١٠٥ - ص ١٠٧.
(٥) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٩٥ - ص ٩٦.
(٦) نيسابور: من أعظم مدن إقليم خراسان.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٨٥٧.
(٧) "له" كذا في الأصل، والمثبت من البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٩٦، حيث ينقل عنه العيني.
(٨) إلى هنا توقف العينى عن النقل من البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٩٥ - ص ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>