للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السبط: كان زاهدًا في الدنيا متقللًا منها، وكان يختم القرآن في كل سبعة أيام. وما مازح أحدًا، ولا لعب مع صبي، ولا أكل من جهة لا يتيقن حلّها، وما زال على ذلك الأسلوب حتى توفاه الله عز وجل. وقد امتحن بما زاحم بها الأنبياء والعلماء والفضلاء والأولياء، وتلقى ذلك بالصبر والحمد والشكر، وقد أثنى عليه العلماء؛ فذكره أبو محمد بن الدبيشي في "الذيل" الذي ذيله على ذيل ابن السمعاني" فقال شيخنا الإمام جمال الدين بن الجوزي صاحب التصانيف في فنون العلوم في التفاسير والفقه والحديث والتواريخ وغير ذلك: وإليه انتهت معرفة الحديث وعلومه، والوقوف على صحيحه و [سقيمه] (١)، وله من المصنفات في المسانيد، والأبواب، والرجال، ومعرفة الأحاديث الواهية والموضوعة، والانقطاع والاتصال، وكان من أحسن الناس كلامًا، وأتمهم نظامًا، وأعذبهم لسانًا، وأجودهم بيانًا. تفقه على أبي بكر الدنيوري، وقرأ الوعظ على الشريف أبي القاسم العلوي، وأبي الحسن بن الزاغوني، وبورك له في عمره وعلمه، فروى الكثير وسمع الناس منه أكثر من أربعين سنة، وحَّدث بمصنفاته مرارًا. (٢)

وقال ابن كثير: أحد أفراد العلماء، برز في كثير من العلوم، وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوًا من [ثلاثمائة (٣)] مصنف، وكتب بيده نحوا من [مائتي (٤)] مجلدة، وتفرد بفن الوعظ الذي لم يسبق إلى مثله، ولا يلحق شأوه [فيه] (٥) وفي طريقته وشكله، [و] في فصاحته وبلاغته، وعذوبة لفظه، وحلاوة ترصيعه، ونفوذ وعظه، وغوصه على المعاني البديعة، وتقريب الأشياء البعيدة الغريبة بما يشاهد من الأمور الحسنة بعبارة وجيزة سريعة [الفهم والإدراك] (٦)، وله في غيره من العلوم اليد الطولى جدًا، والمشاركات في سائر أنواع العلوم في التفسير، والتاريخ، والحساب، والنظر في النجوم. (٧)

وقال السبط: وسمعته يقول على المنبر في آخر عمره: كتبت بإصبعىَّ هاتين ألفي مجلدة، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي ألف يهودي ونصراني.


(١) في الأصل "ومن سقيمه". والتصحيح من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣١١.
(٢) نقل العين هذا الخبر من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣١١.
(٣) انظر ما سبق حاشية رقم (١)، ص ١٧٢٥.
(٤) في الأصل "ألفي". والمثبت من البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٢٨. حيث ينقل عنه العيني.
(٥) ما بين الحاصرتين زيادة من ابن كثير لتوضيح المعنى. انظر: البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٢٨.
(٦) ما بين الحاصرتين إضافة من ابن كثير لتوضيح المعنى. انظر: البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٢٨.
(٧) نقل العيني هذا الخبر بتصرف من البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>