للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم طاول الملك العادل الإفرنج فطلبوا الهدنة واستقرت بينهم ثلاث سنين، ورجع الملك العادل إلى دمشق ثم سار من دمشق إلى ماردين وحصرها، وصاحبها يومئذ يولق بن أرسلان بن إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق (١)، وليس ليولق بن أرسلان من الحكم شيء وإنما الحكم إلى مملوك والده البقش (٢). وقال ابن كثير (٣):

ولما توجه الملك العادل إلى ماردين استناب ولده الملك المعظم عيسى بن العادل على دمشق، ولما وصل إلى ماردين حاصرها في شهر رمضان واستولى على ربضها ومعاملتها وأعجزته قلعتها فصيف عليها وشتى وما شك أحد أنه سيملكها حتى هنته الشعراء بذلك ولكن لم يكن ذلك مكتوبًا ولا مقدرًا، وفي تاريخ بيبرس: وفي سنة أربع وتسعين وخمسائة أحاط الإفرنج بتبنين وحاصروه من جميع جهاته، فلما علم العادل بذلك أرسل عز الدين أسامة إلى العزيز يعلمه بالحال ويستدعي حضوره بنفسه ويعرفه أنه إن لم يسر إلى البلاد بنفسه ما يمكن حفظها، فسار مجدًا فيمن بقي عنده من العساكر بمصر.

وأما أهل تبنين فلما اشتد عليهم الأمر ورأوا النقوب قد أخذت ونفذت ولم يبق إلا أن يملكها الإفرنج بالسيف، نزل بعضهم إلى الإفرنج يطلبون الأمان لأنفسهم، فقال لهم بعض الإفرنج الذين من ساحل الشام: إن أنتم سلّمتُم الحصن لهذا القسيس استأسركم وقتلكم، فاحفظوا نفوسكم، وكان ذلك القسيس من أصحاب ملك الألمان يسمى الخنصلير فعاد المسلمون كأنهم يراجعون من في القلعة ليسلموا، فلما صعدوا عليها أصروا على الامتناع وقاتلوا قتال من يحمي نفسه فحموها، فلما وصل العزيز إلى عسقلان وسمع الإفرنج بوصوله وأجتماع المسلمين ولم يكن لهم ملك يجمعهم وأمرهم إلى امرأة هي الملكة فاتفقوا وأرسلوا إلى هنفري ملك قبرس فأحضروه، وهو أخو الملك الذي أسر بحطين، فزوجوه بزوجة الكندهري وكان رجلا عاقلا، فلما ملكهم لم يعد إلى الزحف على الحصن ولا القتال، وأتفق وصول العزيز فرحل هو والعساكر إلى جبل الخليل عليه السلام وهو جبل عامله فأقاموا أياما والأمطار (٤) متداركة، ثم سار العزيز إلى الإفرنج ورتب


(١) يولق بن أرسلان هو حسام الدين بولي أرسلان بن إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي ابن أرتَق. انظر: الكامل، ج ١٠، ص ٢٦٠ - ٢٦١، أحداث ٥٩٥ هـ.
(٢) "برتقش" في الكامل، ج ١٠، ص ٢٥؛ المختصر، ج ٣، ص ٩٧.
(٣) البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٨.
(٤) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٢ - ص ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>