للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غزنة كما ذكرنا ولم يخطب لأحد إلا لنفسه، وكان يعد الناس أن رسولي عند غياث الدين فإذا عاد خطبت له، وكان يفعل ذلك مكرًا فإنه لو لم يظهر ذلك لفارقه أكثر الأتراك وسائر الرعايا، فجمع علاء الدين وجلال الدين ولدا بهاء الدين سام جيشًا وسارا إليه طالبي غزنة فلما بلغ يلدز مسيرهما جهز من عسكره طائفة فالتقوا هم وعسكرهما، فانهزم عسكر يلدز من بين أيديهم إلى غزنة فساروا في أثره، فلما قاربوا البلد انهزم يلدز أيضًا فتبعوه إلى كرمان وملكوها وعاد المذكوران إلى غزنة ومعهما الخزانة التي أخذها يلدز، وقبضا على مؤيد الملك الوزير، وقسما الخزانة بينهما، وسار جلال الدين إلى باميان وبقي علاء الدين بغزنة فاستوزر عماد الملك، فأساء السيرة مع الجند والرعية ونهب أموال الأتراك حتى أنهم باعوا أمهات أولادهم وهن يبكين وهو لا يلتفت إليهم، ثم أن يلدز جمع جموعًا من الأتراك وغيرهم وعاد إلى غزنة فوصلوا إلى كلوا (١) [٢٨٦] فملكوها وقتلوا جماعة من الغورية ووصل المنهزمون إلى كرمان، فسار يلدز إليهم وجعل على مقدمته مملوكًا كبيرًا من مماليك شهاب الدين اسمه إيدكز الشرقي في ألفي فارس من الخليج والأتراك والغز والغورية وغيرهم، وكان يكرمان عسكر لعلاء الدين مع أمير يقال له ابن المؤيد، ومعه جماعة من الأمراء منهم أبو علي بن سليمان، وهو وأبوه عن أعيان الغورية، وكانا مشتغلين باللهو والشرب لا يفتران عنه، فهجم عليهم إيدكز ومن معه من الأتراك وعاجلوهم عن ركوب خيلهم فتقلوهم عن آخره، فمنهم من قتل في المعركة ومنهم من قتل صبرًا، ولم ينج إلا من تركه الأتراك عمدًا. ولما وصل يلدز ورأى أمراء الغورية كلهم قتلى لام إيدكز ووبخه وأحضر رأس ابن المؤيد بين يديه، فسجد شكرًا لله تعالى. وأمر بالمقتولين فغسلوا ودفنوا. وكان من القتلى أبو على بن سليمان بن شيْشر (١). ووصل الخبر إلى غزنة في العشرين من ذي الحجة من هذه السنة، فصلب علاء الدين الذي جاء بالخبر، فمطر الناس مطرًا شديدًا حتى خرب بعض غزنة وجاء بعده برد كبار مثل بيض الدجاج، فضج الناس إلى علاء الدين بإنزال المصلوب فأنزله آخر النهار فانكشفت الظلمة وسكن ما كانوا فيه.


(١) "سيسر" كذا في الكامل، ج ١٠، ص ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>