للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جريدة في صبيحة يوم الثلاثاء، حتى نزل على العوجاء (١)، ووصل إليه من أخبره أن عسكر العدو قد وصل قيسارية ودخل إليها، وأن الملك قد نزل خارج يافا بنفر يسير وخيم قليلة، فوقع له أن يكبس عليه، وسار من أول الليل، والأدلة من العرب تتقدمه إلى أن أتى وقت الصباح إلى خيام العدو فوجدها يسيرة، مقدار عشر خيم (٢)، فداخله الطمع وحمل عليهم، فلم يتحركوا من أماكنهم، ودار السلطان على الأطلاب بنفسه يحثهم، فلم يجب إليه أحد سوى ولده الملك الظاهر، فإنه تأهب للحملة، فمنعه.

فلما رأى السلطان ذلك، رأى أن وقوفه وحده خسارة، فأعرض عن القتال، وسار حتى أتى يازور وهو مغضب، فنزل بها، وذلك يوم الأربعاء الثالث والعشرين من رجب. ثم أصبح يوم الخميس سار إلى النطرون فنزل به، فأرسل إلى العسكر فحضروا عنده يوم الخميس الرابع والعشرين من رجب، فبات به. ثم أصبح يوم الجمعة وسار إلى الملك العادل يفتقده، ودخل القدس وصلى، ونظر إلى العمائر ورتبها، ثم عاد من يومه إلى الثقل، وبات فيه على النطرون.

وقدمت [١٥٣] إليه العساكر، فأول من وصل علاء الدين ابن أتابك صاحب الموصل، فلقاه السلطان ضحوة نهار السبت السادس والعشرين من رجب، فأكرمه وأنزله عنده في الخيمة، وقدَّم له تقدمة جليلة، ثم سار إلى خيمته، وأقام السلطان بالنطرون.

ولما كان يوم الخميس التاسع من شعبان، قدم عسكر مصر، فخرج السلطان إلى لقائهم، وكان فيهم مجد الدين هلدرى، وسيف الدين يازكج وجماعة من الأسدية، وكان في خدمة ولده الملك المؤيد مسعود، وكان يومًا مشهودا، ثم أنزلهم عنده ومد الخوان (٣)، ثم ساروا إلى منازلهم.

ثم قدم الملك المنصور بن تقى الدين في صبيحة يوم الاثنين ثالث عشر شعبان، ونزل في مقدمة العسكر. ولما رأى السلطان أن العساكر قد تجمعت، جمع أرباب الرأى وقال: "إن ملك الإنكتار مرض مرضا شديدًا والإفرنسيسية قد رجعوا إلى بلادهم، ونفقاتهم قد قلت". وأصبح يوم الخميس راحلاً إلى جهة (٤) الرملة.


(١) العوجاء: نهر بين أرسوف والرملة من أرض فلسطين من السواحل. انظر: معجم البلدان، جـ ٣، ص ٧٤٤.
(٢) "خيمة" في الأصل وما أثبتناه هو الصحيح.
(٣) الخوان: ذكر القلقشندى أن المائدة لا يقال لها مائدة بدون طعام وإلا فهى خوان. انظر: صبح الأعشى، جـ ١، ص ١٥٨.
(٤) نقل العينى هذا النص بتصرف من النوادر السلطانية، ص ٢٢٧ - ٢٣٢؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٤٠١ - ٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>