للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصور في عسكر حماة ووصل الفرنج إلى أفنون (١) وهي ما بين حماة وبعرين، فقاتلهم وحمل عليهم فلم يثبتوا له، وولوا منهزمين وقتل من فرسانهم ورجالتهم جماعة، وأسر جماعة، ودخل حماة منصورًا، فمدحه الشعراء بقصائد منها (٢):

أَبشر بما شئتَ من نصرٍ وتأييد … فعنك يُروي حديث البأس والجود

وأنت ليثُ وغي تدمي مخالبه … في نحر كل طويل الباع صنديد

وأنت غيثُ ندي تجرى عوائده … بجوده مثل جرى الماء في العود

فَرّقْت بين المعالي والثراء كما … جمعت في العدل بين السد (٣) والسيد

يَذُم بعض الوري بعضًا وقولهم … ما في البرية محمودٌ كمحمودِ

مَلك إذا أغرق الأملاكُ في قنص … فصَيدهُ غُلْبُ آل الأصغر الصيدِ

وإن سبتهم ذوات الحسن مال به … قَطْع الطُلى عن وصال الخرّد الغيد [١١٧]

ومنها:

لو نال مَلْك على مقدار همته … لنلت مُلْك سليمان بن داود

ومنها:

أما الفرنج فقد أخمدتَ نارهمُ … ولم تزل ذات إضرام وتوقيد

من بعد ما حاد أملاك الطوائف عن … حفظِ البلاد وألقوا بالمقاليد

ومنها:

فما جنحت إلى سِلمٍ على غُبن … ولا قنعت بإرهاب وتهديد

أقبلتهم رحب صدر ليس يحرجِه … ضيق المجال وقلبا غير مرءود (٤)

ورُعْتهَم بخميس فَلّ جمعهمُ … بحرّ ضرب وطعن كالأخاديد

فغودِروا بين مجروحٍ ومختبل … يبكي على هالك منهم ومصفود


(١) "أفيون" كذا في الأصل، والمثبت من مفرج الكروب، ج ٤، ص ٣٠٣ حاشية (٣)، ويبدو أن المقصود بها قرية قفيلون الحالية وهي قرب بعرين "بيرين".
(٢) أورد مفرج الكروب أن قائل هذه القصيدة هو الشيخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد الأنصاري.
انظر: ابن واصل، ج ٤، ص ٣٠٣.
(٣) يبدو أن معنى كلمة "السد" هنا تعني قليل المال المحتاج إلى المساعدة.
انظر: مادة "سدده" المصباح المنير.
(٤) "مزؤد" كذا في الأصل، والمثبت في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٣٠٥، والرائد هو الضيق.
انظر: القاموس المحيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>