للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله:

خير إخوانك المشارك في المرِّ … وأين الشريكُ في المرِّ أينا

الذي إن شهدت سرّك في القو … م وإن غبت كان أُذنًا وعينا

مثل سر العقبان إن مسّهُ النارُ … جَلاهُ الجلاءَ فازداد زَينا

وأخو السوءِ إن يغبْ عنك يشـ … نئْك (١) وإن يحتضرْ يكن ذاك شينا (٢)

ابن قدامه (٣) الشيخ موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، إمام عالم بارع. لم يكن في عصره بل ولا قبل دهره بمدة أفقه منه، ولد بجماعيل (٤) في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وقدم مع أهله إلى دمشق في سنة إحدى وخمسين، وقرأ القرآن، وسمع الحديث الكثير، ورحل مرتين إلى العراق، إحداهما في سنة إحدى وستين مع ابن عمته (٥) الحافظ عبد الغني، والأخرى سنة سبع وستين، وحج في سنة ثلاث وسبعين، وتفقه ببغداد على مذهب الإمام أحمد (رضي الله عنه)، وبرع وأفتي وناظر وتبحر في فنون كثيرة، مع زهد وعبادة وورع، وتواضع، وحسن أخلاق، وجود وحياء، وحسن سمت ونور وبهاء، وكثرة تلاوة وصلاة وصيام وقيام، وطريقة حسنة واتباع للسلف الصالح، وكانت له أحوال ومكاشفات. وقد قال الشافعي (رضي الله عنه): إن لم يكن العلماء العالمون أولياء الله فلا أعلم لله وليًا. وله مصنفات عديدة مشهورة منها: المغني في شرح [مختصرة] (٦) الخرقي، عشر مجلدات، والشافي في مجلدين، والمقنع [في الفروع] (٧) والروضة في أصول الفقه، وغير ذلك. وقال أبو شامة (٨): كان إمامًا من أئمة المسلمين، وعلم من أعلام الدين في العلم والعمل، صنف كتبًا كثيرة


(١) "تستغبك" كذا في الأصل، والمثبت من البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١١١.
(٢) ورد هذا الشعر في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١١١.
(٣) انظر الذيل على الروضتين، ص ١٣٩ - ١٤٢؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ١٠٧ - ١٠٨؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤١٣ - ٤١٥.
(٤) جماعيل: قرية في جبل نابلس من أرض فلسطين. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ١١٣.
(٥) "عمه" في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٠٨.
(٦) ما بين حاصرتين إضافة من هداية العارفين، ص ٤٥١.
(٧) ما بين حاصرتين إضافة من هداية العارفين، ص ٤٥١.
(٨) الذيل على الروضتين ص ١٣٩ - ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>