للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السياسة أظهروا الفساد وخربوا البلاد، وأفسدوا ما أبقته الأتراك من بلاد العراق، فكانوا يأتون الضيعة فيمكثون حولها حتى تصبح، فيخرج (١) الرعاء بمواشيهم، فيسوقونها إلى المدينة والرعاة تستغيث فلا تغاث، وكان ذلك كله بحكم انقطاع مواد الأموال عن خزانته، فاضطر إلى إسكات الأتراك، فكان إذا ألح أحدهم في الطلب يرضيه بزيادة في لقبه، فإن كان أميرًا لقبه ملكًا، وإن كان ملكا لقبه خانًا، وتحكمت والدته فيما كان تحت يد ابنه، وتلقبت بخواندجهان (٢)، وكان الناس في ضنك عظيم بولاية غياث الدين، فلما طلع السلطان جلال الدين من بلاد الهند صلح مُفسدُ الزمان وانزجر أولو العدوان (٣).

ولما تمكن من أخيه وصار معه كأحد أمرائه، يتصرف على حكم آرائه، سار نحو خوزستان وأقام بها مشتيا، وسير من هناك ضياء الملك علاء الدين محمد بن مودود رسولا إلى الديوان العزيز، وكانت رسالته تتضمن تعنتا وتعتبا، [٦] وكان من قبل جردجهان بهلوان إلجي برسم اليزك (٤)، فصادم المذكور عسكرا من عساكر الديوان وعربًا من خفاجة، فأوقع بهم وخرق الهيبة، فعادوا إلى بغداد على وجه غير مرضٍ (٥)، وأحضرت منهم طائفة إلى السلطان فأطلقهم، ووصل ضياء الملك بعد الحادثة إلى بغداد، وطالت مدة المقام إلى أن ملك السلطان مراغة (٦)، فأذن لضياء الملك في العود، ثم سار السلطان إلى دقوقا (٧)، فلما أشرف عليها خرج أهلها إليه وشكوا من الإغارة التي اتفقت على بلاد الديوان، فغاظة ذلك فأمر بالزحف عليها، فطلعوا ووضعوا السيف في أهلها، ثم سار نحو أذربيجان، فلما قاربها ساق إليها ودخلها وأقام بها أياما، ووجه من هناك القاضي مجير الدين عمر بن سعد الخوارزمي رسولا إلى ملك الروم وملوك الشام ومصر بكتب تتضمن تملكه بلاد أذربيجان، ثم رحل من مراغة نحو عوجان (٨)، والناس يمتارون من تبريز وبها


(١) "تتخرج": كذا في الأصل، والصحيح لغة ما أثبتناه.
(٢) خواندجهان: أي سيدة العالم. انظر: سيرة منكبرتي، ص ١٨٢، حاشية (٤).
(٣) لمعرفة المزيد عن هذا الحدث. انظر: سيرة منكبرتي، ص ١٨٠ - ١٨٢.
(٤) اليزك: لفظ فارسي معناه الطلائع.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ١٦٢، حاشية (٢)؛ السلوك، ج ١ ق ١، ص ١٠٥.
(٥) "مرضى" كذا في الأصل، وما أثبتناه هو الصحيح لغة.
(٦) مراغة: أعظم وأشهر بلاد أذربيجان.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٤٧٦.
(٧) دقوقا: وتكتب "دقوقاء" وهي مدينة بين إربل وبغداد.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٤٧٦.
(٨) عوجان: "أوجان" في سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي، وهي إحدى مدن أذربيجان. ص ١٩٥، حاشية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>