للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك الصالح محمود بن محمد بن قرا أرسلان بن سقمان بن أرتق، وأنه استولى من بلاده على حصن منصور (١) والكختين (٢). فسيَّر الملك الأشرف نجدة إلى صاحب [٣٤] آمد فالتقاهم عسكر السلطان علاء الدين فهزمهم، فرحل الملك الأشرف إلى حران وخرج من بقي من عسكر حلب إلى حاضر قنسرين (٣) لإنجاد الملك المجاهد صاحب حمص. وأخرب الملك المعظم قرايا حمص ومزارعها، وامتدَّت غاراته إلى سلميَّة (٤)، وهى للملك المظفر بن المنصور وهو عند الملك الكامل بمصر. وطال مقام الملك المعظم على حمص، ولم ينل من قلعتها ومدينتها غرضاً، ووقع الفناء في عسكره، وماتت دوابّهم، وكثر المرض فيهم، فرحل عن حمص في شهر رمضان من هذه السنة (٥).

وفيها قدم الملك الأشرف إلى أخيه المعظم جريدةً قصداً لقطع مادة الشرّ، فالتقاه أخوه المعظم وأظهر السرور به، وضربت البشائر لمقدمه، وأظهر الابتهاج العظيم به، وحكَّمه في خزائنه، وحاله في الباطن يُخالف ما أظهر، والرُّسل مترَددة بينه وبين السلطان جلال الدين خوارزم شاه، ووصل إليه رسوله وصحبته خلعة للمعظم فلبسها، ولما انقضى شهر رمضان خرج المعظم والأشرف إلى المرج متنزهين، وورد إليهما من حلب القاضى بهاء الدين بن شداد (٦)، ومظفر الدين بن جرديك في طلب تجديد الأيمان للملك العزيز بن الملك الظاهر ولأتابكه شهاب الدين طغريل، ولما وصلا وجدا


(١) حصن منصور: من أعمال ديار مُضَر في غرب الفرات قرب سميساط وهو منسوب إلى منصور بن جعونة بن الحارث العامرى القيسى. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٢٧٨.
(٢) حصن الكختين أوكختا: وهو قلعة عالية البناء حصينة بينها وبين ملطية مسيرة يومين في طرف الحد الشمالى للشام على مرحلة من حصن منصور.
انظر: مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٧٨، حاشية (٧).
(٣) حاضر قنسرين: كان لتنوخ - وهم أصناف من العرب - منذ أول نزولهم بالشام، ولما فتح أبو عبيدة قنسرين دعا أهل حاضرها إلى الإسلام، فأسلم بعضهم، وأقام بعضهم على النصرانية فصالحهم على الجزية، وأن جماعة من أهلها أسلم في خلافة المهدى.
انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ١٨٥.
(٤) سَلَمِيَّة: بلدة في ناحية البرية من أعمال حماة بينهما مسيرة يومين، وكانت تعد من أعمال حمص.
انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ١٢٣.
(٥) ورد هذا الحدث بالتفصيل في الكامل، ج ١٢، ص ٤٥٣ - ص ٤٥٤؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٧٦ - ص ١٧٩؛ المختصر في أخبار البشر، ج ٣، ص ١٣٧.
(٦) بهاء الدين بن شداد: أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم بن عُتبة بن محمد بن عتَّاب الأسدى، قاضى حلب، المعروف بابن شداد، الملقب بهاء الدين، الفقيه الشافعى، ولد بالموصل ليلة العاشر من رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وتوفى يوم الأربعاء رابع عشر صفر، سنة ٦٣٢ هـ.
انظر: وفيات الأعيان، ج ٧، ص ٨٤، ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>