للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنشئ: واسم جلال الدين منكبرتي، قلت: هو الأصح لأنه كان كاتبا بين يديه سنين وهو أدرى باسم مخدومه (١).

(الثاني) في صفته: قال أبو الفتح: كان أسمر قصيرا تركيا، حسن (٢) الشارة والعبارة وكان يتكلم بالفارسية.

(الثالث) في سيرته: قال أبو الفتح المنشيء: كان أسدًا ضرغامًا، وأشجع الفرسان إقدامًا، وكان حليما لا غضوبا ولاشَتَّاما، وكان وقورا لا يضحك إلا تبسما، ولا يكثر كلاما، وكان يختار العدل غير أنه صادف أيام الفتنة فغلب، ويحب الترفيه على الرعية لولا أنه ملك في زمان الفترة (٣). وفي تاريخ ابن كثير (٤): وكان جلال الدين في آخر عمره قد قبحت سيرته، وفسد عقله، وعادي ملولك جميع الأطراف. وفي المرآة (٥): [١٢٧] وكم فتك وأسر من المسلمين وسبي وكان كثير الفساد، وأهلك عسكره العباد والبلاد، ثم قال السبط: وحكى لي خالي أبو محمد يوسف محيي الدين قال: بعثني الخليفة إليه في رسالة وهو على خلاط، فدخلت عليه وبين يديه المصحف، وهو يقرأ فيه ويبكي، فقلت له: تقرأ في المصحف وتبكي وأنت تفعل بالمسلمين ما تفعل! وقد قتلت في دقوقا عشرين ألف مسلم، وسبيت نساءهم، وفعلت ما فعلت! فقال: هذا عسكر عظيم مسيرة خمسة أيام مالى عليهم طاقة ولا حكم، ولا يلتفتون إلى. ومع هذا فإنه كان سدا بين المسلمين والكفار، وسندا لأهل الإسلام من الفجار، وكان يدفع التتار عن المسلمين، ويصدهم، فلما هلك انفتح السد، ولقد حكى لي الأمير عماد الدين بن موسك قال: لما كُسِر الخوارزمي دخل عثمان العزيز، وغازي وجماعة الأعيان، فهنؤا الأشرف بالكسرة، فقال: تهنوني بهذا سوف ترون غِبَّ هذا، والله لتكونن هذه الكسرة سببا لدخول التتار إلى بلاد المسلمين، ما كان الخوارزمي الأمثل السد الذي بيننا وبين يأجوج ومأجوج. فكان كما قال، وكان الخوارزمي إذا لقي التتار اقتتلوا عشرة أيام بلياليها، ثم يترجلوا عن خيولهم، ويتلاقوا بالسيوف، وأحدهم يأكل ويبول وهو يقاتل.


(١) ورد هذا الخبر في المختصر، ج ٣، ص ١٥١.
(٢) "تركي الشارة والعبارة" في سيرة منكبرتي، ص ٣٨٤؛ المختصر، ج ٣، ص ١٥١.
(٣) ورد هذا الخبر في مسيرة منكبرتي، ص ٣٨٤.
(٤) ورد هذا الخبر في ابن الأثير، الكامل، ج ١٢، ص ٤٩٥، ولم يرد في تاريخ ابن كثير كما ذكر العيني.
(٥) سبط ابن الجوزي، ج ٨، ص ٤٤٣ - ص ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>