للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرح ولهو وانفساح، ولم يزل الأمر كذلك إلى أن ملك [١٣١] الملك الصالح نجم الدين أيوب الديار المصرية، وشرع في بناء قلعة الجزيرة، فحفر بعض هذا البحر، واستحضر المهندسين وسألهم كيف العمل في جريان الماء بحيث لا ينقطع صيفا ولا شتاء؟ واتفق الرأي على أن تغرق مراكب في بر الجزيرة قبالة باب القنطرة الذي بمصر مما يلي السور الذي بناه صلاح الدين، وقبلى الجزيرة، فغرقت المراكب، وعمل البحر من ذلك اليوم قليلا قليلا، ويتكاشف أولا فأول (١)، وقطع كثيرا من بر مصر من دار الملك إلى قريب المقس، ورمي قطعة من السور الذي بناه الكامل، وكمله ابنه العادل، وقطع المنشية الفاضلية (٢).

ومنها أنه تكامل بناء المدرسة (٣) التي بسوق العجم في بغداد، المنسوبة إلى إقبال الشرابي (٤)، وحضر الدرس بها، وكان يوما مشهودا اجتمع فيها جميع المدرسين والمفتيين ببغداد، وعمل بصحنها قباب الحلواء، فحمل منها إلى جميع المدارس والرُبَط، وخلع على المدرسين والمعيدين والفقهاء يومئذ، وكان وقتا حسنا (٥).

وفي جمادى الأولى ذكر تقي الدين (٦) بن الصلاح الدرس في المدرسة (٧) التي


(١) "فأولا" كذا في الأصل، والصحيح لغة ما أثبتناه.
(٢) وردت هذه الأحداث بتصرف في نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٦٥ - ص ١٦٦؛ السلوك، ج ١ ق ١، ص ٢٤١.
(٣) هي المدرسة الإقبالية التي بدأخل باب الفرج وباب الفراديس، شمالى الجامع والظاهرية الجوانية، وشرقي الجاروخية والإقبالية الحنفية، وغربي التقوية بشمال، أنشأها جمال الدين بل جمال الدولة إقبال عتيق ست الشام. انظر: الدارس في تاريخ المدارس، ج ١، ص ١٥٨. ص ١٥٩.
(٤) إقبال الشرابي: بنى مدرسة بواسط وإلى جانبها جامعا، وبني ببغداد مدرسة في سوق السلطان، وجدد بمكة الرباط الذي اشتهر به، وتوفي سنة ٦٥٣ هـ.
انظر: الدارس، ج ١، ص ١٥٩؛ الشذرات، ج ٥، ص ١٦١.
(٥) ورد هذا الخبر في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٣٨ - ص ١٣٩؛ الدارس في تاريخ المدارس، ج ١، ص ١٥٩ - ص ١٦٠.
(٦) تقي الدين بن الصلاح: أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر النصرى الكردي الشهر زوري المعروف بابن الصلاح، الشُّرخاني الملقب تقي الدين الفقيه الشافعي، كان أحد فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال تولي التدريس بالمدرسة الناصرية بالقدس، وتدريس المدرسة الرواحية، ودرس بمدرسة ست الشام زمرد خاتون، ولد سنة ٥٧٧ هـ بشّرخانه، وتوفي سنة ٦٤٣ هـ بدمشق.
انظر: وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٢٤٤؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٧٩، ص ١٨٠؛ الشذرات، ج ٥، ص ٢٢١.
(٧) يقصد بها المدرسية الشامية البرانية: وهي بالعقيبة، وبانيها والدة الملك الصالح إسماعيل، وأول من درس بها تقي الدين بن الصلاح، وأنشأتها ست الشام ابنة نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان، وهي من أكبر المدارس وأعظمها وأكثرها فقها.
انظر: الدارس، ج ١، ص ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>