للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): ودخل يوما إلى خزائنه، فرأى مالا كثيرا، فقال: من أين هذا؟ قال خازنه: بعث به القاضي كمال الدين من فائض الأوقاف، فقال: ردُّوه إليه، وقولوا له: إن رقبتي دقيقة لا [تقدر] (٢) على حمله غدًا، وأنت رقبتك غليظة، تقدر على حمله.

وكان له برسم نفقته الخاص في كل شهر من الجزية ما يبلغ ألفي قرطاس (٣)، يصرفها في كسوته، وملبوسه، ومأكوله، حتى أجرة خياطه وجامكية طباخه، ويستفضل منها ما يتصدق به في آخر الشهر. ويقال: إن قيمة القراطيس مائة وخمسون درهما، وقيل: كل ستين قرطاسا أو سبعين بدينار (٤).

قال ابن الأثير (٥): وما كان يصل إليه من هدايا الملوك وغيرهم يبعثه إلى القاضي كمال الدين، يبيعه ويعمر به المساجد المهجورة، ولا يتناول منه شيئا.

وقال ابن الجوزي (٦): وكان يتدين بطاعة الخلافة، والطرق آمنة في أيامه، والمحامد كثيرة، وكان يميل إلى التواضع، ويحب العلماء وأهل الدين، وقد كاتبني مرارًا. وقد صنف له كتابا سماه "الفخر النوري" (٧) فيه أحاديث العدل والجهاد ومواعظ وغير ذلك. وصنف نور الدين أيضا كتابا في الجهاد، وهو بدمشق.

وقال السبط (رحمه الله) (٨): كانت له عجائز بدمشق وحلب، وكان يخيط الكوافي، ويعمل السكاكر (٩) للأبواب، وتبيعها العجائز، ولا يدري من أخذ، فكان يوم يصوم يفطر على أثمانها. وحكي شرف الدين يعقوب ولد المبارز المعتمد أن في دارهم سكرة من عمل نور الدين، وهي باقية إلى سنة خمسين وستمائة، يتبركون بها. وفي المرآة (١٠)


(١) القول لابن الأثير حيث يستمر العيني في الاقتباس منه. انظر: الباهر، ص ١٦٧؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٩٣؛ الروضتين، ج ١ ق ١، ص ١٦ - ١٧؛ مفرج الكروب، ج ١، ص ٢٨١.
(٢) "أقدر" في نسخة أو ما أثبتناه من نسخه ب.
(٣) "قرطاش" في نسخة ب.
(٤) عن الأوقاف والصدقات انظر: الروضتين، ج ١ ق ١، ص ٢٦، حيث ينقل أبو شامة عن العماد الأصفهاني.
(٥) بالرجوع إلى ابن الأثير، لم نجد النص المذكور وإنما ورد في مصادر أخرى. انظر هذا القول في الروضتين، ج ١ ق ١، ص ٢٦، حيث ينقل أبو شامة عن العماد الأصفهاني.
(٦) انظر: المنتظم، ج ١٨، ص ٢١٠؛ انظر أيضًا: المرآة، ج ٨، ص ١٩٦ - ١٩٧.
(٧) انظر مؤلفات ابن الجوزي كما أوردها السبط في المرآة، ج ٨، ص ٣١٢ - ٣١٦؛ هدية العارفين، ج ١، ص ٥٢٠ - ٥٢٣.
(٨) انظر: مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٩٧ حيث ينقل العينى عنه بتصرف.
(٩) "الكساكير" في المرآة، ج ٨، ص ١٩٧.
(١٠) انظر: مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٩٧ - ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>