للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضربه بالسكين على رأسه، فإذا هي باللأمة (١)، فسلمه الله، غير أن السكين مرت على خده فجرحته جرحًا هينًا، ثم أخذ الفداوي رأس السلطان، فوضعه إلى الأرض (٢) ليذبحه ومَنْ حوله قد أخذتهم دهشة، ثم ثاب إليهم عقلهم، فبادروا إلى الفداوي، فقتلوه وقطعوا رأسه، ثم هجم آخر في الساعة الراهنة على السلطان، فَقُتِل، ثم هجم آخر على بعض الأمراء، فَقُتِل أيضًا، وهرب الرابع، فأُدرك فقُتل، وبطل القتال ذلك اليوم. ثم صمم السلطان على البلد ففتحه، وأقطعه ابن أخيه تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وقد اشتد حنقه على أهل حلب؛ لما أرسلوا من الفداوية، وجاء فنزل تجاه البلد على جبل جوشن (٣)، وضربت خيمته على رأس الياروقية (٤)، وذلك في خامس عشر ذي الحجة من هذه السنة، وجبي الأموال وأخذ الخراج من القرى، ومنع أن يدخل البلد شيء أو يخرج منها شيء، واستمر حصاره إياها حتى انسلخت هذه السنة (٥).

وفي تاريخ بيبرس: لما انهزم غازي، وغنم صلاح الدين وعسكره ثقله وثقل عسكره، سير طائفة إلى بزاعة فحصروها وقاتلوا من بها وأخذوها، ورتب بها من يحفظها، وسار إلى منبج، فملكها عنوة، وأخذ صاحبها أسيرا، وكان بينه وبين صلاح الدين عداوة قديمة، وهو قطب الدين ينال [بن حسان] (٦) المنبجي، ثم أطلقه فسار إلى الموصل، فأقطعه سيف الدين غازي الرقة، ثم دخل إلى أعزاز فنازلها وحصرها، وهي من أحصن القلاع، وقتل عليها كثيرا من العسكر، ثم ذكر حكاية الفداوية كما ذكرناها.

وفي المرآة (٧): لما نزل صلاح الدين على منبج (٨) وبها قطب الدين ينال بن حسان فقاتله، واتفق وقوع ثلمة في السور، فطلب الأمان لنفسه، فأمَّنهُ، فخرج سليبًا، وأخذ صلاح الدين من الحصن ثلثمائة ألف دينار، وعرض عليه المقام عنده فامتنع وسار إلى


(١) الَّلأْمَةُ: أداة الحرب كلها من رمح وبيضة ومغفر وسيف ودرع، والجمع لأْم. انظر: المعجم الوسيط، مادة لأي.
(٢) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ب.
(٣) جبل جوشن: يطل على حلب من غربها، معجم البلدان، ج ٢، ص ١٥٥.
(٤) الياروقية: محلة كبيرة بظاهر مدينة حلب تنسب إلى أمير من أمراء التركمان. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ١٠٠١.
(٥) انظر هذه الأحداث في الكامل، ج ١٠، ص ٧٦؛ الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٠.
(٦) "خان" في نسختى المخطوطة أ، ب، والمثبت بين الحاصرتين من الكامل، ج ١٠، ص ٧٦؛ الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٥٥.
(٧) انظر هذه الأحداث في المرآة، ج ٨، ص ٢١٢.
(٨) "ثم سار سيف الدين فنزل على منبج" كذا في المرآة، ج ٨، ص ٢١٢ ولعله خطأ من الناسخ، واتفق ابن الأثير، وأبو شامة مع ما أورده العيني. انظر: الكامل، ج ١٠، ص ٧٦؛ الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>