للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أبي طي (١): ولما نوى السلطان المقام بالإسكندرية؛ ليصوم فيها، رأى أنه لا يُخلى نفسه من ثوابٍ يقوم له مقام القَصْد إلى بلاد الكفار والجهاد في المشركين، فرأى الأسطول وقد أخلقت (٢) سُفُنه، وتغيرت آلاته، فأمر بتعمير الأسطول، وجمع له من الأخشاب والصُّناع أشياء كثيرة. ولما تم عملُ المراكب أمر بحمل الآلات، فنقل من السلاح والعُدد ما يحتاج الأسطول إليه، وشحنه بالرِّجال، وولّي فيه أحد أصحابه، وأفرد له إقطاعًا مخصوصًا وديوانًا مُفْردًا، وكتب إلى سائر البلاد المصرية بقبول قول صاحب الأسطول (٣)، وأن لا يُمنع من أخذ رجاله وما يحتاج إليه، وأمر صاحب الأسطول أن لا يبارح البحر ويغزي إلى جزائر البحر (٤).

قال العماد: وقُلتُ في معني تنقلى في البلاد:

يومًا بجَيٍّ (٥)، ويومًا في دمشق، وبالـ … ـفُسطَاطِ يومًا، ويومًا بالعراقَينِ

كأنَّ جسمي وقلبي الصَّبَّ ما خُلقَا … إلا ليُقتسَمَا بالشَّوقِ والبَينِ

وقلت يوم الخروج من القاهرة:

يا باخلًا عند الوداع بوقفةٍ … لو سامني رُوحي بها لم أبخَلِ

ما كان ضَرُّك لو وقفت لسائلٍ … تركَ الفؤادَ بدائه في المنزل

إن أسر مُرتَحِلًا [ففي] (٦) أسر الهوى … قلبي لديك، مقيَّدٌ لم يَرحَلِ

عَذُبَ العذابُ لدى فؤادي (٧) المُبتَلَى … إذ كُنت أنت مُعذِّبي والمُبتَلِى


(١) انظر قول ابن أبي طى في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٨٩ - ٦٩٠.
(٢) أخلق الشيء وخَلُق أو خَلِق، أي بلى. انظر: أحمد بن فارس: مقاييس اللغة، ج ٢، ص ٢١٤، ط. أولى، القاهرة ١٣٦٦ هـ.
(٣) "يقول القول قول صاحب الأسطول" كذا في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٩٠.
(٤) ورد هذا النص بتصرف في البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٦.
(٥) جَيُّ بالفتح ثم التشديد، اسم مدينة ناحية أصبهان القديمة، وسميت عند العجم "شهرستان". انظر، معجم البلدان، ج ٢، ص ١٨١.
(٦) "في" في نسختى المخطوطة أ، ب، والمثبت ين الحاصرتين من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٩٠.
(٧) "فؤاد" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>