للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب السلطان صلاح الدين، فافتداهما السلطان بعد سنتين بسبعين (١) ألف دينار، ووصل السلطان إلى القاهرة في نصف جمادى الآخرة.

وفي المرآة (٢): خرج صلاح الدين في جمادى الآخرة من مصر بالعساكر، ونزل على عسقلان ثم رحل (٣) يريد تل الصافية (٤)، فازدحمت العساكر على الجسر تريد العبور، فلم يشعروا إلا وقد خالطهم الفرنج، فثبت تقي الدين عمر وقاتل ثم غُلب، وقُتل من المسلمين خلق كثير، وانهزمت عساكر الإسلام وأسر كثير، منهم الفقيه عيسى وغيره. لولا أن [الليل] (٥) حجز بينهم لم يبق من المسلمين أحد. وسار صلاح الدين في الليل إلى مصر من غير دليل ولا ماء ولا زاد.

وكانت هذه الوقعة من أعظم الوقائع، ونكب صلاح الدين نكبة شديدة، وكاد يتلف جوعًا وعطشًا، ونهبت خزائنه وقتل رجاله وأسر أبطاله (٦). وكان مقدم الفرنج أرناط (٧)، وكان من أكبر ملوك الإفرنج. وما أتلف عسكر المسلمين إلا أنهم [كانوا] (٨) تفرقوا في الغارات، وكانوا زيادة على عشرين ألفًا، ووقعت الكسرة ومعظمهم لم يعلم، فلما رجعوا من الغارات لم يجدوا صلاح الدين، ولم يكن لهم حصن يأوون إليه، فدخلوا الرمل وتبعهم الفرنج قتلًا وأسرًا، ومن سلم منهم مات جوعًا وعطشًا، وكان يومًا عظيما على الإسلام لم يجبره إلا وقعة حطين، ورجع أرناط بجمعه إلى حماة -كما نذكره- إن شاء الله الآن.

وقال ابن الأثير (٩): كتب صلاح الدين بخط يده إلى أخيه توران شاه نائبه بدمشق؛ يذكر له الوقعة وفي أوله:


(١) "ستين" في الكامل، جـ ١٠، ص ٨٥ - ٨٦؛ وفي الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٧٠١ "بستين أو سبعين"؛ وفي البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣١٨، "بتسعين".
(٢) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢١٧.
(٣) "نزل" في نسخة ب.
(٤) تل الصافية: حصن من أعمال فلسطين قرب بيت جبرين من نواحي الرملة. انظر: معجم البلدان، جـ ١، ص ٨٦٧.
(٥) "الملك" في الأصل. والمثبت بين الحاصرتين من نسخة ب؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢١٧.
(٦) ورد هذا النص بتصرف في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢١٧.
(٧) أرناط: هو البرنس أرناط صاحب الكرك والشوبك، أسر في وقعة حطين عام ٥٨٣ هـ/ ١١٨٧ م، ثم قتله صلاح الدين بيده. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٧، ص ١٩٣.
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة أ، والمثبت من ب.
(٩) انظر: الكامل، جـ ١٠، ص ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>